للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]

٥٧٤ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ

ذِكْرُ قَصْدِ الْفِرِنْجِ مَدِينَةَ حَمَاةَ أَيْضًا

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، سَارَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفِرِنْجِ بِالشَّامِ إِلَى مَدِينَةِ حَمَاةَ، وَكَثُرَ جَمْعُهُمْ مِنَ الْفُرْسَانِ وَالرَّجَّالَةِ طَمَعًا فِي النَّهْبِ وَالْغَارَةِ، فَشَنُّوا الْغَارَةَ، وَنَهَبُوا، وَخَرَّبُوا الْقُرَى، وَأَحْرَقُوا، وَأَسَرُوا، وَقَتَلُوا، فَلَمَّا سَمِعَ الْعَسْكَرُ الْمُقِيمُ بِحَمَاةَ سَارُوا إِلَيْهِمْ، وَهُمْ قَلِيلٌ، مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، وَصَدَقَ الْمُسْلِمُونَ الْقِتَالَ، فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَانْهَزَمَ الْفِرِنْجُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فِيهِمْ وَاسْتَرَدُّوا مِنْهُمْ مَا غَنِمُوهُ مِنَ السَّوَادِ.

وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ قَدْ عَادَ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ نَازِلٌ بِظَاهِرِ حِمْصَ. فَحُمِلَتِ الرُّءُوسُ وَالْأَسْرَى وَالْأَسْلَابُ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْرَى فَقُتِلُوا.

ذِكْرُ عِصْيَانِ ابْنِ الْمُقَدَّمِ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ وَحَصْرِ بَعْلَبَكَّ وَأَخْذِ الْبَلَدِ مِنْهُ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَصَى شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُقَدَّمِ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ بِبَعْلَبَكَّ، وَكَانَتْ لَهُ قَدْ سَلَّمَهَا إِلَيْهِ صَلَاحُ الدِّينِ لَمَّا فَتَحَهَا جَزَاءً لَهُ حَيْثُ سَلَّمَ إِلَيْهِ ابْنُ الْمُقَدَّمِ دِمَشْقَ، عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، فَلَمْ تَزَلْ بِيَدِهِ إِلَى الْآنَ، فَطَلَبَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ بْنُ أَيُّوبَ أَخُو صَلَاحِ الدِّينِ مِنْهُ بَعْلَبَكَّ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي طَلَبِهَا لِأَنَّ تَرْبِيَتَهُ وَمَنْشَأَهُ كَانَ بِهَا، وَكَانَ يُحِبُّهَا، وَيَخْتَارُهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَكَانَ الْأَكْبَرَ، فَلَمْ يُمْكِنْ صَلَاحَ الدِّينِ مُخَالَفَتُهُ، فَأَمَرَ شَمْسَ الدِّينِ بِتَسْلِيمِهَا إِلَى أَخِيهِ لِيُعَوِّضَهُ عَنْهَا، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>