[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٥٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ عِصْيَانِ نَجَا وَقَتْلِهِ وَمِلْكِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بَعْضَ أَرْمِينِيَّةَ
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] مَا فَعَلَهُ نَجَا غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ بِأَهْلِ حَرَّانَ، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ تِلْكَ الْأَمْوَالُ، قَوِيَ بِهَا وَبَطَرَ، وَلَمْ يَشْكُرْ وَلِيَّ نِعْمَتِهِ بَلْ كَفَرَهُ، وَسَارَ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ، وَقَصَدَ بِلَادَ أَرْمِينِيَّةَ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ يُعْرَفُ بِأَبِي الْوَرْدِ، فَقَاتَلَهُ نَجَا، فَقُتِلَ أَبُو الْوَرْدِ وَأَخَذَ نَجَا قِلَاعَهُ وَبِلَادَهُ: خِلَاطَ، وَمَلَازَكَرْدَ، وَمُوشَ، وَغَيْرَهَا، وَحَصَلَ لَهُ مِنْ أَمْوَالِ أَبِي الْوَرْدِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، فَأَظْهَرَ الْعِصْيَانَ عَلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ.
فَاتُّفِقَ أَنَّ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ سَارَ مِنْ بَغْدَاذَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَنَصِيبِينَ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَطَرَدَ عَنْهَا نَاصِرَ الدَّوْلَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، فَكَاتَبَهُ نَجَا وَرَاسَلَهُ، وَهُوَ بِنَصِيبِينَ، يَعِدُهُ الْمُعَاضَدَةَ وَالْمُسَاعَدَةَ عَلَى مَوَالِيهِ بَنِي حَمْدَانَ، فَلَمَّا عَادَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ وَاصْطَلَحَ هُوَ وَنَاصِرُ الدَّوْلَةِ، سَارَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى نَجَا لِيُقَاتِلَهُ عَلَى عِصْيَانِهِ عَلَيْهِ، وَخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَتِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ، هَرَبَ نَجَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَمَلَكَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِلَادَهُ وَقِلَاعَهُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ أَبِي الْوَرْدِ، وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ نَجَا فَقَتَلَهُمْ، (وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ أَخُو نَجَا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى نَجَا يُرَغِّبُهُ وَيُرَهِّبُهُ إِلَى أَنْ أُحْضِرَ عِنْدَهُ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَعَادَهُ إِلَى مَرْتَبَتِهِ.
ثُمَّ إِنَّ غِلْمَانَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ وَثَبُوا عَلَى نَجَا فِي دَارِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِمَيَّافَارِقِينَ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ (سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ) [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، فَقَتَلُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَغُشِيَ عَلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute