ثُمَّ حَمَلَتْ بَكْرٌ فَوَجَدَتْ عِجْلًا تُقَاتِلُ، وَامْرَأَةً مِنْهُمْ تَقُولُ:
إِنْ يَظْفَرُوا يُحَرِّزُوا فِينَا الْغُرَلْ ... إِيهًا فِدَاءٌ لَكُمْ بَنِي عِجِلْ
فَقَاتَلُوهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَمَالَتِ الْعَجَمُ إِلَى بَطْحَاءِ ذِي قَارٍ خَوْفًا مِنَ الْعَطَشِ، فَأَرْسَلَتْ إِيَادٌ إِلَى بَكْرٍ، وَكَانُوا مَعَ الْفُرْسِ، وَقَالُوا لَهُمْ: إِنْ شِئْتُمْ هَرَبْنَا اللَّيْلَةَ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَقَمْنَا وَنَفِرُّ حِينَ تُلَاقُونَ النَّاسَ. فَقَالُوا: بَلْ تُقِيمُونَ وَتَنْهَزِمُونَ إِذَا الْتَقَيْنَا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ حَسَّانَ السَّكُونِيُّ، وَكَانَ حَلِيفًا لَبَنِي شَيْبَانَ: أَطِيعُونِي وَاكْتُمُوا لَهُمْ فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَاتَلُوا وَحَرَّضَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَالَتِ ابْنَةُ الْقَرِينِ الشَّيْبَانِيَّةُ:
وَيْهًا بَنِي شَيْبَانَ صَفًّا بَعْدَ صَفْ ... إِنْ تُهْزَمُوا يُصَبِّغُوا فِينَا الْقُلَفْ
فَقَطَعَ سَبْعُمِائَةٍ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ أَيْدِي أَقْبِيَتِهِمْ مِنْ مَنَاكِبِهِمْ لِتَخِفَّ أَيْدِيهِمْ لِضَرْبِ السُّيُوفِ، فَجَالَدُوهُمْ وَبَارَزَ الْهَامَرْزُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ بُرْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْيَشْكُرِيُّ فَقَتَلَهُ بُرْدٌ، ثُمَّ حَمَلَتْ مَيْسَرَةُ بَكْرٍ وَمَيْمَنَتُهَا، وَخَرَجَ الْكَمِينُ فَشَدُّوا عَلَى قَلْبِ الْجَيْشِ وَفِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ قَبِيصَةَ الطَّائِيُّ، وَوَلَّتْ إِيَادٌ مُنْهَزِمَةً كَمَا وَعَدَتْهُمْ، فَانْهَزَمَتِ الْفُرْسُ وَاتَّبَعَتْهُمْ بَكْرٌ تَقْتُلُ وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَى سَلَبٍ وَغَنِيمَةٍ. وَقَالَ الشُّعَرَاءُ فِي وَقْعَةِ ذِي قَارٍ فَأَكْثَرُوا.
[ذِكْرُ مُلُوكِ الْحِيرَةِ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute