[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣١٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ حَادِثَةٍ غَرِيبَةٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ فِي دَارٍ كَانَ يَسْكُنُهَا الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ إِنْسَانٌ أَعْجَمِيٌّ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَاخِرَةٌ، وَتَحْتَهَا مِمَّا يَلِي بَدَنَهُ قَمِيصُ صُوفٍ، وَمَعَهُ مِقْدَحَةٌ، وَكِبْرِيتٌ، وَمِحْبَرَةٌ، وَأَقْلَامٌ، وَسِكِّينٌ وَكَاغَدٌ، وَفِي كِيسٍ سَوِيقٌ، وَسُكَّرٌ، وَحَبْلٌ طَوِيلٌ مِنْ قُنَّبٍ، يُقَالُ إِنَّهُ دَخَلَ مَعَ الصُّنَّاعِ، فَبَقِيَ هُنَاكَ، فَعَطِشَ، فَخَرَجَ يَطْلُبُ الْمَاءَ فَأُخِذَ، فَأَحْضَرُوهُ عِنْدَ ابْنِ الْفُرَاتِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ، فَقَالَ: لَا أُخْبِرُ إِلَّا صَاحِبَ الدَّارِ، (فَرَفَقَ بِهِ) ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: لَا أُخْبِرُ إِلَّا صَاحِبَ الدَّارِ، فَضَرَبُوهُ لِيُقَرِّرُوهُ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ بَدَأْتُمْ بِالشَّرِّ؟ وَلَزِمَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ بِالْفَارِسِيَّةِ: نَدَانَمْ مَعْنَاهُ لَا أَدْرِي، فَأُمِرَ بِهِ فَأُحْرِقَ.
وَأَنْكَرَ ابْنُ الْفُرَاتِ عَلَى نَصْرٍ الْحَاجِبِ هَذِهِ الْحَالَ حَيْثُ هُوَ الْحَاجِبُ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُقْتَدِرِ، وَنَسَبَهُ إِلَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ لِيَقْتُلَ الْمُقْتَدِرَ، فَقَالَ نَصْرٌ: لِمَ أَقْتُلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ رَفَعَنِي مِنَ الثَّرَى إِلَى الثُّرَيَّا؟ إِنَّمَا يَسْعَى فِي قَتْلِهِ مَنْ صَادَرَهُ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، وَأَطَالَ حَبْسَهُ هَذِهِ السِّنِينَ، وَأَخَذَ ضِيَاعَهُ، وَصَارَ لِابْنِ الْفُرَاتِ بِسَبَبِ هَذَا حَدِيثٌ فِي مَعْنَى نَصْرٍ.
ذِكْرُ أَخْذِ الْحَاجِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ أَبُو طَاهِرٍ الْقَرْمَطِيُّ إِلَى الْهَبِيرِ فِي عَسْكَرٍ عَظِيمٍ لِيَلْقَى الْحَاجَّ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ فِي رُجُوعِهِمْ مِنْ مَكَّةَ، فَأَوْقَعَ بِقَافِلَةٍ تَقَدَّمَتْ مُعْظَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute