[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٢٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ ابْنِ بُوَيْهِ عَلَى شِيرَازَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَفِرَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ (بِيَاقُوتٍ، وَمَلِكِ شِيرَازَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَسِيرَ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ) إِلَى الْقَنْطَرَةِ، وَسَبْقِ يَاقُوتٍ إِلَيْهَا، فَلَمَّا وَصَلَهَا ابْنُ بُوَيْهِ وَصَدَّهُ يَاقُوتٌ عَنْ عُبُورِهَا، اضْطُرَّ إِلَى مُحَارَبَتِهِ، فَتَحَارَبَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَأَحْضَرَ عَلِيُّ بْنُ بُوَيْهِ أَصْحَابَهُ، وَوَعَدَهُمْ (أَنَّهُ يَتَرَجَّلُ مَعَهُمْ عِنْدَ الْحَرْبِ [وَيُقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ] ، وَمَنَّاهُمْ وَوَعَدَهُمُ) الْإِحْسَانَ. وَكَانَ مِنْ سَعَادَتِهِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَأْمَنُوا إِلَى يَاقُوتٍ فَحِينَ رَآهُمْ يَاقُوتٌ، أَمَرَ بِضَرْبِ رِقَابِهِمْ، فَأَيْقَنَ مَنْ مَعَ ابْنِ بُوَيْهِ أَنَّهُمْ لَا أَمَانَ لَهُمْ عِنْدَهُ، فَقَاتَلُوا قِتَالَ مُسْتَقْتِلٍ.
ثُمَّ إِنَّ يَاقُوتًا قَدَّمَ أَمَامَ أَصْحَابِهِ رَجَّالَةً كَثِيرَةً يُقَاتِلُونَ بِقَوَارِيرِ النَّفْطِ، فَانْقَلَبَتِ الرِّيحُ فِي وُجُوهِهِمْ، وَاشْتَدَّتْ، فَلَمَّا أَلْقَوُا النَّارَ عَادَتِ النَّارُ عَلَيْهِمْ، فَعَلَقَتْ بِوُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَاخْتَلَطُوا وَأَكَبَّ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ ابْنِ بُوَيْهِ، فَقَتَلُوا أَكْثَرَ الرَّجَّالَةِ، وَخَالَطُوا الْفُرْسَانَ فَانْهَزَمُوا، فَكَانَتِ الدَّائِرَةُ عَلَى يَاقُوتٍ وَأَصْحَابِهِ.
فَلَمَّا انْهَزَمَ صَعِدَ عَلَى نَشَزٍ مُرْتَفِعٍ، وَنَادَى فِي أَصْحَابِهِ الرَّجْعَةَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَقَالَ لَهُمْ: اثْبُتُوا، فَإِنَّ الدَّيْلَمَ يَشْتَغِلُونَ بِالنَّهْبِ، وَيَتَفَرَّقُونَ، فَنَأْخُذُهُمْ، فَثَبَتُوا مَعَهُ، فَلَمَّا رَأَى ابْنَ بُوَيْهِ ثَبَاتَهُمْ، نَهَى أَصْحَابَهُ عَنِ النَّهْبِ، وَقَالَ: إِنَّ عَدُوَّكُمْ يَرْصُدُكُمْ لِتَشْتَغِلُوا بِالنَّهْبِ، فَيَعْطِفَ عَلَيْكُمْ وَيَكُونَ هَلَاكُكُمْ، فَاتْرُكُوا هَذَا، وَافْرَغُوا مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ ثُمَّ عُودُوا إِلَيْهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى يَاقُوتٌ أَنَّهُمْ عَلَى قَصْدِهِ، وَلَّى مُنْهَزِمًا وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُ ابْنِ بُوَيْهِ، يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيَغْنَمُونَ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute