[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ]
١٩٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ قَطْعِ خُطْبَةِ الْمَأْمُونِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ الْأَمِينُ بِإِسْقَاطِ مَا كَانَ ضُرِبَ لِأَخِيهِ الْمَأْمُونِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخُرَاسَانَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا اسْمُ الْأَمِينِ، وَأَمَرَ فَدُعِيَ لِمُوسَى بْنِ الْأَمِينِ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَلَقَّبَهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، وَقَطَعَ ذِكْرَ الْمَأْمُونِ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَكَانَ مُوسَى طِفْلًا صَغِيرًا، وَلِابْنِهِ الْآخَرِ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَقَّبَهُ الْقَائِمَ بِالْحَقِّ.
ذِكْرُ مُحَارِبَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَطَاهِرٍ
ثُمَّ إِنَّ الْأَمِينَ أَمَرَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ بِالْمَسِيرِ لِحَرْبِ الْمَأْمُونِ.
وَكَانَ سَبَبَ مَسِيرِهِ، دُونَ غَيْرِهِ، أَنَّ ذَا الرِّيَاسَتَيْنِ كَانَ لَهُ عَيْنٌ عِنْدَ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ وَرَأْيِهِ، فَكَتَبَ ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُشِيرَ بِإِنْفَاذِ ابْنِ مَاهَانَ لِحَرْبِهِمْ، وَكَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّ ابْنَ مَاهَانَ لَمَّا وَلِيَ خُرَاسَانَ أَيَّامَ الرَّشِيدِ، أَسَاءَ السِّيرَةَ فِي أَهْلِهَا فَظَلَمَهُمْ، فَعَزَلَهُ الرَّشِيدُ لِذَلِكَ، وَنَفَرَ أَهْلُ خُرَاسَانَ عَنْهُ، وَأَبْغَضُوهُ، فَأَرَادَ ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ أَنْ يَزْدَادَ أَهْلُ خُرَاسَانَ جِدًّا فِي مُحَارَبَةِ الْأَمِينِ وَأَصْحَابِهِ.
فَفَعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَا أَمَرَ ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ، فَأَمَرَ الْأَمِينُ ابْنَ مَاهَانَ بِالْمَسِيرِ.
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لِلْأَمِينِ: إِنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ كَتَبُوا إِلَيْهِ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ إِنْ قَصَدَهُمْ هُوَ أَطَاعُوهُ، وَانْقَادُوا لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَلَا! فَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ، وَأَقْطَعَهُ كُوَرَ الْجَبَلِ كُلَّهَا: نَهَاوَنْدَ، وَهَمَذَانَ، وَقُمَّ، وَأَصْبَهَانَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَوَلَّاهُ حَرْبَهَا وَخَرَاجَهَا، وَأَعْطَاهُ الْأَمْوَالَ، وَحَكَّمَهُ فِي الْخَزَائِنِ، وَجَهَّزَ مَعَهُ خَمْسِينَ أَلْفَ فَارِسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute