للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]

(٥٣٦)

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ

ذِكْرُ انْهِزَامِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ مِنَ الْأَتْرَاكِ الْخِطَا، وَمُلْكِهِمْ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ

قَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُ التَّوَارِيخِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَقَاوِيلَ نَحْنُ نَذْكُرُهَا جَمِيعَهَا لِلْخُرُوجِ مَنْ عُهْدَتِهَا، فَنَقُولُ:

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْمُحَرَّمِ انْهَزَمَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ مِنَ التُّرْكِ الْكُفَّارِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سَنْجَرَ كَانَ قَتَلَ ابْنًا لِخُوَارِزْمَ شَاهْ أُتْسِزَ بْنِ مُحَمَّدٍ - كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ - فَبَعَثَ خُوَارَزْمُ شَاهْ إِلَى الْخِطَا وَهُمْ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، يُطْمِعُهُمْ فِي الْبِلَادِ، وَيُرَوِّجُ عَلَيْهِمْ أَمْرَهَا وَتَزَوَّجَ إِلَيْهِمْ، وَحَثَّهُمْ عَلَى قَصْدِ مَمْلَكَةِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، فَسَارُوا فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ سَنْجَرُ فِي عَسَاكِرِهِ، فَالْتَقَوْا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَانْهَزَمَ سَنْجَرُ فِي جَمِيعِ عَسَاكِرِهِ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مِائَةُ أَلْفِ قَتِيلٍ، مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا كُلُّهُمْ صَاحِبُ عِمَامَةٍ، وَأَرْبَعَةُ آلَافِ امْرَأَةٍ، وَأُسِرَتْ زَوْجَةُ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، وَتَمَّ سَنْجَرُ مُنْهَزِمًا إِلَى تِرْمِذَ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى بَلْخَ.

وَلَمَّا انْهَزَمَ سَنْجَرُ قَصَدَ خُوَارَزْمُ شَاهْ مَدِينَةَ مَرْوَ، فَدَخَلَهَا مُرَاغَمَةً لِلسُّلْطَانِ سَنْجَرَ، وَقَتَّلَ بِهَا، وَقَبَضَ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ الْكِرْمَانِيِّ الْفَقِيهِ الْحَنَفِيِّ وَعَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلَدِ.

وَلَمْ يَزَلِ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ مَسْعُودًا إِلَى وَقْتِنَا هَذَا، لَمْ تَنْهَزِمْ لَهُ رَايَةٌ، وَلَمَّا تَمَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْهَزِيمَةُ أَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الرَّيِّ وَمَا يَجْرِي مَعَهَا عَلَى قَاعِدَةِ أَبِيهِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا فِيهَا بِعَسَاكِرِهِ بِحَيْثُ إِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ اسْتَدْعَاهُ لِأَجْلِ هَذِهِ الْهَزِيمَةِ، فَوَصَلَ عَبَّاسٌ صَاحِبُ الرَّيِّ إِلَى بَغْدَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>