بِعَسَاكِرِهِ، وَخَدَمَ السُّلْطَانَ مَسْعُودًا خِدْمَةً عَظِيمَةً، وَسَارَ السُّلْطَانُ إِلَى الرَّيِّ امْتِثَالًا لِأَمْرِ عَمِّهِ سَنْجَرَ.
وَقِيلَ: إِنَّ بِلَادَ تُرْكِسْتَانَ، وَهِيَ كَاشْغَرُ، وَبَلَاسَاغُونَ، وَخَتْنُ، وَطِرَازُ، وَغَيْرُهَا مِمَّا يُجَاوِرُهَا مِنْ بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ كَانَتْ بِيَدِ الْمُلُوكِ الْخَانِيَّةِ الْأَتْرَاكِ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ مِنْ نَسْلِ أَفْرَاسْيَابَ التُّرْكِيِّ، إِلَّا أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ.
وَكَانَ سَبَبُ إِسْلَامِ جَدِّهِمُ الْأَوَّلِ وَاسْمُهُ سَبْقُ قُرَاخَاقَانُ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ رَجُلًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ بِالتُّرْكِيَّةِ مَا مَعْنَاهُ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَأَسْلَمَ فِي مَنَامِهِ، وَأَصْبَحَ فَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ، فَلَمَّا مَاتَ قَامَ مَقَامَهُ ابْنُهُ مُوسَى بْنُ سَبْقَ، وَلَمْ يَزَلِ الْمُلْكُ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ فِي أَوْلَادِهِ إِلَى أَرْسِلَانْ خَانْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بَغْرَاخَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُلَقَّبِ بِطِمْغَاجْ خَانْ بْنِ إِيلَكَ الْمُلَقَّبِ بِنَصْرِ أَرْسِلَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ سَبْقَ، فَخَرَجَ عَلَى قَدْرَخَانْ فَانْتَزَعَ الْمُلْكَ مِنْهُ، فَقَتَلَ سَنْجَرُ قَدْرَخَانْ كَمَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَعَادَ الْمُلْكَ إِلَى أَرْسِلَانْ خَانْ، وَثَبَّتَ قَدَمَهُ. وَخَرَجَ خَوَارِجُ، فَاسْتَصْرَخَ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ، فَنَصَرَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى مُلْكِهِ أَيْضًا.
وَكَانَ مِنْ جُنْدِهِ نَوْعٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ يُقَالُ لَهُمُ الْقَارْغَلِيَّةُ، وَالْأَتْرَاكُ الْغُزِّيَّةُ الَّذِينَ نَهَبُوا خُرَاسَانَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهُمْ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُقَالُ لَهُمْ أَجَقٌ، وَأَمِيرُهُمْ طُوطَى بْنُ دَادْبِكَ، وَنَوْعٌ يُقَالُ لَهُمْ بَرْقٌ، وَأَمِيرُهُمْ قَرْعُوتُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، فَحَسَّنَ الشَّرِيفُ الْأَشْرَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شُجَاعٍ الْعَلَوِيِّ السَّمَرْقَنْدِيِّ لِوَلَدِ أَرْسِلَانْ خَانَ الْمَعْرُوفِ بِنَصْرِ خَانْ طَلَبَ الْمُلْكِ مِنْ أَبِيهِ وَأَطْمَعَهُ، فَسَمِعَ مُحَمَّدْ خَانَ الْخَبَرَ، فَقَتَلَ الِابْنَ وَالشَّرِيفَ الْأَشْرَفَ.
وَجَرَتْ بَيْنَ أَرْسِلَانْ خَانْ، وَبَيْنَ جُنْدِهِ الْقَارْغَلِيَّةِ وَحْشَةٌ دَعَتْهُمْ إِلَى الْعِصْيَانِ عَلَيْهِ وَانْتِزَاعِ الْمُلْكِ مِنْهُ، فَعَاوَدَ الِاسْتِغَاثَةَ بِالسُّلْطَانِ سَنْجَرَ، فَعَبَرَ جَيْحُونَ بِعَسَاكِرِهِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا مُصَاهَرَةٌ، فَوَصَلَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، وَهَرَبَ الْقَارِغَلِيَّةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute