[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
٦٢٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ تَسْلِيمِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ إِلَى الْفِرِنْجِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوَّلَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، تَسَلَّمَ الْفِرِنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ صُلْحًا، أَعَادَهُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ سَرِيعًا.
وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ مِنْ خُرُوجِ الْأَنْبرورِ، مَلِكِ الْفِرِنْجِ فِي الْبَحْرِ مِنْ دَاخِلِ بِلَادِ الْفِرِنْجِ إِلَى سَاحِلِ الشَّامِ، وَكَانَتْ عَسَاكِرُهُ قَدْ سَبَقَتْهُ، وَنَزَلُوا بِالسَّاحِلِ، وَأَفْسَدُوا فِيمَا يُجَاوِرُهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَضَى إِلَيْهِمْ، وَهُمْ بِمَدِينَةِ صُورٍ، طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْكُنُونَ الْجِبَالَ الْمُجَاوِرَةَ لِمَدِينَةِ صُورٍ وَأَطَاعُوهُمْ، وَصَارُوا مَعَهُمْ، وَقَوِيَ طَمَعُ الْفِرِنْجِ بِمَوْتِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ عِيسَى ابْنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، صَاحِبِ دِمَشْقَ.
وَلَمَّا وَصَلَ الْأَنْبرورِ إِلَى السَّاحِلِ، نَزَلَ بِمَدِينَةَ عَكَّا، وَكَانَ الْمَلِكُ الْكَامِلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ابْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ صَاحِبُ مِصْرَ، قَدْ خَرَجَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يُرِيدُ الشَّامَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ الْمُعَظَّمِ، وَهُوَ نَازِلٌ بِتَلِّ الْعُجُولِ، يُرِيدُ أَنْ يَمْلِكَ دِمَشْقَ مِنَ النَّاصِرِ دَاوُدَ ابْنِ أَخِيهِ الْمُعَظَّمِ، وَهُوَ صَاحِبُهَا يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ دَاوُدُ لَمَّا سَمِعَ بِقَصْدِ عَمِّهِ الْمَلِكِ الْكَامِلِ لَهُ، قَدْ أَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ صَاحِبِ الْبِلَادِ الْجَزْرِيَّةِ، يَسْتَنْجِدُهُ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْمُسَاعَدَةَ عَلَى دَفْعِ عَمِّهِ عَنْهُ، فَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمَلِكِ الْكَامِلِ فِي الصُّلْحِ، فَاصْطَلَحَا وَاتَّفَقَا، وَسَارَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ إِلَى الْمَلِكِ الْكَامِلِ وَاجْتَمَعَ بِهِ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَا، تَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَنْبرورِ مَلِكِ الْفِرِنْجِ دَفَعَاتٍ كَثِيرَةً، فَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ وَمَعَهُ مَوَاضِعُ يَسِيرَةٌ مِنْ بِلَادِهِ، وَيَكُونُ بَاقِي الْبِلَادِ مِثْلُ الْخَلِيلِ، وَنَابُلُسُ، وَالْغَوْرُ، وَمَلَطْيَةَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ بِيَدِ الْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute