للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُسَلَّمُ إِلَى الْفِرِنْجِ إِلَّا الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي اسْتَقَرَّتْ مَعَهُ.

وَكَانَ سُورُ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ خَرَابًا [قَدْ] خَرَّبَهُ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ، وَقَدْ [ذَكَرْنَا] ذَلِكَ، وَتَسَلَّمَ الْفِرِنْجُ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ، وَاسْتَعْظَمَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ وَأَكْبَرُوهُ، وَوَجَدُوا لَهُ مِنَ الْوَهْنِ وَالتَّأَلُّمِ مَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ، يَسَّرَّ اللَّهُ فَتْحَهُ وَعَوْدَهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، آمِينَ.

ذِكْرُ مُلْكِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مَدِينَةَ دِمَشْقَ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ شَعْبَانَ، مَلَكَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ ابْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ مَدِينَةَ دِمَشْقَ مِنَ ابْنِ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ دَاوُدَ بْنِ الْمُعَظَّمِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ صَاحِبَ دِمَشْقَ لَمَّا خَافَ مِنْ عَمِّهِ الْمَلِكِ الْكَامِلِ، أَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ الْأَشْرَفِ يَسْتَنْجِدُهُ، وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى دَفْعِ الْكَامِلِ عَنْهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْبِلَادِ الْجَزْرِيَّةِ، وَدَخَلَ دِمَشْقَ، وَفَرِحَ بِهِ صَاحِبُهَا وَأَهْلُ الْبَلَدِ. وَكَانُوا قَدِ احْتَاطُوا، وَهُمْ يَتَجَهَّزُونَ لِلْحِصَارِ، فَأَمَرَ بِإِزَالَةِ ذَلِكَ، وَتَرْكِ مَا عَزَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الِاحْتِيَاطِ، وَحَلَفَ لِصَاحِبِهَا عَلَى الْمُسَاعَدَةِ وَالْحِفْظِ لَهُ وَلِبِلَادِهِ عَلَيْهِ، وَرَاسَلَ الْمَلِكَ الْكَامِلَ وَاصْطَلَحَا، وَظَنَّ صَاحِبُ دِمَشْقَ أَنَّهُ مَعَهُمَا فِي الصُّلْحِ.

وَسَارَ الْأَشْرَفُ إِلَى أَخِيهِ الْكَامِلِ، وَاجْتَمَعَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، يَوْمَ الْعِيدِ، وَسَارَ صَاحِبُ دِمَشْقَ إِلَى بَيْسَانَ وَأَقَامَ بِهَا، وَعَادَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مِنْ عِنْدِ أَخِيهِ، وَاجْتَمَعَ هُوَ وَصَاحِبُ دِمَشْقَ، وَلَمْ يَكُنِ الْأَشْرَفُ فِي كَثْرَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ فِي خَيْمَةٍ لَهُمَا، إِذْ قَدْ دَخَلَ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَك، مَمْلُوكُ الْمُعَظَّمِ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ دِمَشْقَ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَمِيرٍ مَعَ وَلَدِهِ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ دَاوُدَ: قُمِ اخْرُجْ وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>