[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٨٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ مَوْتِ الْأَمِيرِ نُوحِ بْنِ مَنْصُورٍ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ مَنْصُورٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ الرَّضِيُّ نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّامَانِيُّ فِي رَجَبٍ، وَاخْتَلَّ بِمَوْتِهِ مُلْكُ آلِ سَامَانَ، وَضَعُفَ أَمْرُهُمْ ضَعْفًا ظَاهِرًا، وَطَمِعَ فِيهِمْ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ، فَزَالَ مُلْكُهُمْ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ قَامَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو الْحَرْثِ مَنْصُورُ بْنُ نُوحٍ، وَبَايَعَهُ الْأُمَرَاءُ وَالْقُوَّادُ وَسَائِرُ النَّاسِ، وَفَرَّقَ فِيهِمْ بَقَايَا الْأَمْوَالِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى طَاعَتِهِ. وَقَامَ بِأَمْرِ دَوْلَتِهِ وَتَدْبِيرِهَا بَكْتُوزُونُ. وَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُ مَوْتِهِ إِلَى أَيْلَكَ خَانْ سَارَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ فَائِقُ الْخَاصَّةِ، فَسَيَّرَهُ جَرِيدَةً إِلَى بُخَارَى، فَلَمَّا سَمِعَ بِمَسِيرِهِ الْأَمِيرُ مَنْصُورٌ تَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ، وَأَعْجَلَهُ عَنِ التَّجَهُّزِ، فَسَارَ عَنْ بُخَارَى، وَقَطَعَ النَّهْرَ، وَدَخَلَ فَائِقٌ بُخَارَى، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الْمُقَامَ بِخِدْمَةِ الْأَمِيرِ مَنْصُورٍ، رِعَايَةً لِحَقِّ أَسْلَافِهِ عَلَيْهِ، إِذْ هُوَ مَوْلَاهُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَشَايِخُ بُخَارَى وَمُقَدَّمُهُمْ فِي الْعَوْدِ إِلَى بَلَدِهِ وَمُلْكِهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ نَفْسِهِ مَا يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، فَعَادَ إِلَيْهَا وَدَخَلَهَا وَوَلِيَ فَائِقٌ أَمْرَهُ وَحَكَمَ فِي دَوْلَتِهِ، وَوَلِيَ بَكْتُوزُونُ إِمْرَةَ الْجُيُوشِ بِخُرَاسَانَ.
وَكَانَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ حِينَئِذٍ مَشْغُولًا بِمُحَارَبَةِ أَخِيهِ إِسْمَاعِيلَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَارَ بَكْتُوزُونُ إِلَى خُرَاسَانَ فَوَلِيَهَا، وَاسْتَقَرَّتِ الْقَوَاعِدُ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute