آزَرْمِيدُخْتَ بِنْتَ كِسْرَى، فَأَجَابَهُ. فَغَضِبَتْ آزَرْمِيدُخْتَ فَأَرْسَلَتْ إِلَى سَيَاوَخَشْ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْعُرْسِ أَقْبَلَ الْفَرُّخْزَادُ حَتَّى دَخَلَ، فَثَارَ بِهِ سَيَاوَخَشْ فَقَتَلَهُ، وَقَصَدَتْ آزَرْمِيدُخْتَ وَمَعَهَا سَيَاوَخَشْ سَابُورَ فَحَصَرُوهُ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، وَمَلَكَتْ آزَرْمِيدُخْتَ ثُمَّ تَشَاغَلُوا بِذَلِكَ.
وَأَبْطَأَ خَبَرُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْمُثَنَّى، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَشِيرَ بْنَ الْخَصَاصِيَّةِ وَسَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيُخْبِرَهُ خَبَرَ الْمُشْرِكِينَ، وَيَسْتَأْذِنَهُ فِي الِاسْتِعَانَةِ بِمَنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ، فَإِنَّهُمْ أَنْشَطُ إِلَى الْقِتَالِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَبُو بَكْرٍ مَرِيضٌ قَدْ أَشَفَى، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَاسْتَدْعَى عُمَرَ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَمُوتَ يَوْمِي هَذَا، فَإِذَا مُتُّ فَلَا تُمْسِيَنَّ حَتَّى تَنْدُبَ النَّاسَ مَعَ الْمُثَنَّى، وَلَا تَشْغَلَنَّكُمْ مُصِيبَةٌ عَنْ أَمْرِ دِينِكُمْ وَوَصِيَّةِ رَبِّكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُنِي مُتَوَفَّى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا صَنَعْتُ وَمَا أُصِيبَ الْخَلْقُ بِمِثْلِهِ، وَإِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَارْدُدْ أَهْلَ الْعِرَاقِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُهُ وَوُلَاةُ أَمْرِهِ وَأَهْلُ الْجُرْأَةِ عَلَيْهِمْ.
وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلًا فَدَفَنَهُ عُمَرُ وَنَدَبَ النَّاسَ مَعَ الْمُثَنَّى، وَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ يَسُوءُنِي أَنْ أُؤَمِّرَ خَالِدًا، فَلِهَذَا أَمَرَنِي أَنْ أَرُدَّ أَصْحَابَ خَالِدٍ، وَتَرَكَ ذِكْرَهُ مَعَهُمْ.
وَإِلَى آزَرْمِيدُخْتَ انْتَهَى شَأْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَهَذَا حَدِيثُ الْعِرَاقِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
[ذِكْرُ وَقْعَةِ أَجْنَادَيْنِ]
قَدْ ذَكَرَهَا أَبُو جَعْفَرٍ عُقَيْبَ وَقْعَةِ الْيَرْمُوكِ، وَرَوَى خَبَرَهَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنِ اجْتِمَاعِ الْأُمَرَاءِ وَمَسِيرِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ: فَسَارَ خَالِدٌ مِنْ مَرْجِ رَاهِطٍ إِلَى بُصْرَى وَعَلَيْهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَصَالَحَهُمْ أَهْلُهَا عَلَى الْجِزْيَةِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَدِينَةٍ فُتِحَتْ بِالشَّامِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ. ثُمَّ سَارُوا جَمِيعًا إِلَى فِلَسْطِينَ مَدَدًا لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْعَرَبَاتِ، وَاجْتَمَعَتِ الرُّومُ بِأَجْنَادَيْنِ وَعَلَيْهِمْ تَذَارِقُ أَخُو هِرَقْلَ لِأَبَوَيْهِ، وَقِيلَ كَانَ عَلَى الرُّومِ الْقُبُقْلَارُ، وَأَجْنَادَيْنِ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ جِبْرِينَ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَسَارَ عَمْرُو بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute