وَفِيهَا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ طَيِّئٍ فِيهِمْ زِيدُ الْخَيْلِ، وَهُوَ سَيِّدُهُمْ، فَأَسْلَمُوا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذُكِرَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بِفَضْلٍ ثُمَّ جَاءَنِي إِلَّا رَأَيْتُهُ دُونَ مَا يُقَالُ فِيهِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ زَيْدِ الْخَيْلِ. ثُمَّ سَمَّاهُ زَيْدُ الْخَيْرِ» ، وَأَقْطَعَ لَهُ فَيْدَ وَأَرَضِينَ مَعَهَا. فَلَمَّا رَجَعَ أَصَابَتْهُ الْحُمَّى بِقَرْيَةٍ مِنْ نَجْدٍ، فَمَاتَ بِهَا.
وَفِيهَا كَتَبَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ أَنَّهُ شَرِيكُهُ فِي النُّبُوَّةِ، وَأَرْسَلَ الْكِتَابَ مَعَ رَسُولَيْنِ، فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ فَصَدَّقَاهُ. فَقَالَ لَهُمَا: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمَا.
وَكَانَ كِتَابُ مُسَيْلِمَةَ: مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ مَعَكَ فِي الْأَمْرِ، وَإِنَّ لَنَا نِصْفَ الْأَرْضِ وَلِقُرَيْشٍ نِصْفَهَا، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، أَمَّا بَعْدُ، فَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» .
وَقِيلَ: إِنِّ دَعْوَى مُسَيْلِمَةَ وَغَيْرِهِ النُّبُوَّةَ كَانَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَمَرْضَتِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا. فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ بِمَرَضِهِ وَثَبَ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ بِالْيَمَنِ، وَمُسَيْلِمَةُ بِالْيَمَامَةِ، وَطُلَيْحَةُ فِي بَنِي أَسَدٍ.
[ذِكْرُ إِرْسَالِ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ وَإِسْلَامِ هَمْدَانَ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا إِلَى الْيَمَنِ، وَقَدْ كَانَ أَرْسَلَ قَبْلَهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ، فَأَرْسَلَ عَلِيًّا وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْقِلَ خَالِدًا وَمَنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَفَعَلَ، وَقَرَأَ عَلِيٌّ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ كُلُّهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ، يَقُولُهُ ثَلَاثًا» . ثُمَّ تَتَابَعَ أَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ - تَعَالَى -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute