للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذِكْرُ مَنْ مَلَكَ مِنَ الْفُرْسِ بَعْدَ مِنُوجِهْرَ]

لَمَّا هَلَكَ مِنُوجِهْرُ مَلِكُ فَارِسَ سَارَ أَفْرَاسِيَابُ بْنُ فَشْنَجَ بْنِ رُسْتَمَ مِلْكُ التُّرْكِ إِلَى مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَسَارَ إِلَى أَرْضِ بَابِلَ وَأَكْثَرَ الْمُقَامَ بِهَا وَبِمِهْرِجَانَقْذَقَ، وَأَكْثَرَ الْفَسَادَ فِي مَمْلَكَةِ فَارِسَ، وَعَظُمَ ظُلْمُهُ، وَأَخْرَبَ مَا كَانَ عَامِرًا، وَدَفَنَ الْأَنْهَارَ، وَالْقِنَى، وَقَحَطَ النَّاسُ سَنَةَ خَمْسٍ مِنْ مُلْكِهِ، إِلَى أَنْ خَرَجَ عَنْ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ مِنْهُ فِي أَعْظَمِ الْبَلِيَّةِ إِلَى أَنْ مَلَكَ زَوُّ بْنُ طَهْمَاسِبَ.

وَكَانَ مِنُوجِهْرُ قَدْ سَخِطَ عَلَى وَلَدِهِ طَهْمَاسِبَ وَنَفَاهُ عَنْ بِلَادِهِ، فَأَقَامَ فِي بِلَادِ التُّرْكِ عِنْدَ مَلِكٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: وَامَنُ، وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ زَوَّ بْنَ طَهْمَاسِبَ، وَكَانَ الْمُنَجِّمُونَ قَدْ قَالُوا لِأَبِيهَا: إِنَّ ابْنَتَهُ تَلِدُ وَلَدًا يَقْتُلُهُ، فَسَجَنَهَا، فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا طَهْمَاسِبُ وَوَلَدَتْ مِنْهُ كَتَمَتْ أَمْرَهَا وَوَلَدَهَا، ثُمَّ إِنَّ مِنُوجِهْرَ رَضِيَ عَنْ طَهْمَاسِبَ، وَأَحْضَرَهُ إِلَيْهِ، فَاحْتَالَ فِي إِخْرَاجِ زَوْجَتِهِ وَابْنِهِ زَوٍّ مِنْ مَحْبِسِهِمَا، فَوَصَلَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ زَوًّا فِيمَا ذُكِرَ قَتَلَ جَدَّهُ وَامَنَ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ التُّرْكِ وَطَرَدَ أَفْرَاسِيَابَ التُّرْكِيَّ عَنْ مَمْلَكَةِ فَارِسَ حَتَّى رَدَّهُ إِلَى التُّرْكِ بَعْدَ حُرُوبٍ جَرَتْ بَيْنَهُمَا، فَكَانَتْ غَلَبَةُ أَفْرَاسِيَابَ عَلَى أَقَالِيمِ بَابِلَ وَمَمْلَكَةِ الْفُرْسِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ لَدُنْ تَوَفِّي مِنُوجِهْرَ إِلَى أَنْ أَخْرَجَهُ عَنْهَا زَوٌّ، وَكَانَ إِخْرَاجُهُ عَنْهَا رُوزَابَانَ مِنْ شَهْرِ أَبَانَ مَاهٍ، فَاتَّخَذَ لَهُمْ هَذَا الْيَوْمَ عِيدًا وَجَعَلُوهُ الثَّالِثَ لِعِيدَيْهِمُ النَّوْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>