للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ]

١٣٠ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

ذِكْرُ دُخُولِ أَبِي مُسْلِمٍ مَرْوَ وَالْبَيْعَةِ بِهَا

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ مَدِينَةَ مَرْوَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقِيلَ فِي جُمَادَى الْأُولَى.

وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ اتِّفَاقَ ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ مَعَهُ. إِنَّ ابْنَ الْكَرْمَانِيِّ وَمَنْ مَعَهُ وَسَائِرَ الْقَبَائِلِ بِخُرَاسَانَ لَمَّا عَاقَدُوا نَصْرًا عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ عَظُمَ عَلَيْهِ وَجَمَعَ أَصْحَابَهُ لِحَرْبِهِمْ، فَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ بِإِزَاءِ ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ يَقُولُ لَكَ: أَمَا تَأْنَفُ مِنْ مُصَالَحَةِ نَصْرٍ وَقَدْ قَتَلَ بِالْأَمْسِ أَبَاكَ وَصَلَبَهُ؟ وَمَا كُنْتُ أَحْسَبُكَ تُجَامِعُ نَصْرًا فِي مَسْجِدٍ تُصَلِّيَانِ فِيهِ! فَأَحْفَظَهُ هَذَا الْكَلَامَ، فَرَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ وَانْتَقَضَ صُلْحُ الْعَرَبِ.

فَلَمَّا انْتَقَضَ صُلْحُهُمْ بَعَثَ نَصْرٌ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يَلْتَمِسُ مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ مُضَرَ، وَبَعَثَ أَصْحَابُ ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ، وَهُمْ رَبِيعَةُ وَالْيَمَنُ، إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَرَاسَلُوهُ بِذَلِكَ أَيَّامًا، فَأَمَرَهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ وَفْدُ الْفَرِيقَيْنِ حَتَّى يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا، فَفَعَلُوا، وَأَمَرَ أَبُو مُسْلِمٍ الشِّيعَةَ أَنْ تَخْتَارَ رَبِيعَةَ وَالْيَمَنَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِي مُضَرَ، وَهُمْ أَصْحَابُ مَرْوَانَ وَعُمَّالُهُ وَقَتَلَةُ يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ.

فَقَدِمَ الْوَفْدَانِ، فَجَلَسَ أَبُو مُسْلِمٍ وَأَجْلَسَهُمْ وَجَمَعَ عِنْدَهُ مِنَ الشِّيعَةِ سَبْعِينَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُمْ لِيَخْتَارُوا أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ. فَقَامَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ مِنَ الشِّيعَةِ، فَتَكَلَّمَ وَكَانَ خَطِيبًا مُفَوَّهًا، فَاخْتَارَ ابْنَ الْكَرْمَانِيِّ وَأَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَامَ أَبُو مَنْصُورٍ طَلْحَةُ بْنُ زُرَيْقٍ النَّقِيبُ فَاخْتَارَهُمْ أَيْضًا، ثُمَّ قَامَ مَرْثَدُ بْنُ شَقِيقٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: إِنَّ مُضَرَ قَتَلَةُ آلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْوَانُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَشِيعَةُ مَرْوَانَ الْجَعْدِيِّ وَعُمَّالُهُ، وَدِمَاؤُنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأَمْوَالُنَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَنَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ عَامِلُ مَرْوَانَ يُنَفِّذُ أُمُورَهُ وَيَدْعُو لَهُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَيُسَمِّيهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَحْنُ نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ أَنْ يَكُونَ نَصْرٌ عَلَى هُدًى، وَقَدِ اخْتَرْنَا عَلِيَّ بْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>