للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]

٤٥٥ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.

ذِكْرُ وُرُودِ السُّلْطَانِ بَغْدَاذَ وَدُخُولِهِ بِابْنَةِ الْخَلِيفَةِ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، تَوَجَّهُ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبِكْ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَأَرَادَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ، فَاسْتَعْفَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَخَرَجَ الْوَزِيرُ ابْنُ جَهِيرٍ فَاسْتَقْبَلَهُ.

وَكَانَ مَعَ السُّلْطَانِ مِنَ الْأُمَرَاءِ: أَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، وَسُرْخَابُ ابْنُ بَدْرٍ، وَهَزَارْسِبْ، وَأَبُو مَنْصُورٍ فِرَامَرْزُ بْنُ كَاكَوَيْهِ، فَنَزَلَ عَسْكَرُهُ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَزَادَ بِهِمْ أَذًى.

وَوَصَلَ عَمِيدُ الْمُلْكِ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَطَالَبَ بِالْجِهَةِ، وَبَاتَ بِالدَّارِ، فَقِيلَ لَهُ: خَطُّكَ مَوْجُودٌ بِالشَّرْطِ، وَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذِهِ الْوَصْلَةِ الشَّرَفُ لَا الِاجْتِمَاعُ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَتْ مُشَاهَدَةٌ فَتَكُونُ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، فَقَالَ السُّلْطَانُ: نَفْعَلُ هَذَا، وَلَكِنْ نُفْرِدُ لَهُ مِنَ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ مَا يَكْفِيهِ، وَمَعَهُ خَوَاصُّهُ، وَحُجَّابُهُ، وَمَمَالِيكُهُ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ مُفَارَقَتُهُمْ، فَحِينَئِذٍ نُقِلَتْ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ فِي مُنْتَصَفِ صَفَرٍ، فَجَلَسَتْ عَلَى سَرِيرٍ مُلَبَّسٍ بِالذَّهَبِ، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهَا، وَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَخَدَمَهَا، وَلَمْ تَكْشِفِ الْخِمَارَ عَنْ وَجْهِهَا، وَلَا قَامَتْ هِيَ لَهُ، وَحَمَلَ لَهَا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا، وَبَقِيَ كَذَلِكَ يَحْضُرُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيَنْصَرِفُ.

وَخَلَعَ عَلَى عَمِيدِ الْمُلْكِ وَعَمِلَ السِّمَاطَ عِدَّةَ أَيَّامٍ، وَخَلَعَ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَرَاءِ، وَظَهَرَ عَيْلَهِ سُرُورٌ عَظِيمٌ، وَعَقَدَ ضَمَانَ بَغْدَاذَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْقَايِنِيِّ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَعَادَ مَا كَانَ أَطْلَقَهُ رَئِيسُ الْعِرَاقِيِّنَ مِنَ الْمَوَارِيثِ وَالْمُكُوسِ، وَقَبَضَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>