[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥١٨ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ قَتْلِ بَلْكَ بْنِ بَهْرَامَ بْنِ أُرْتُقَ وَمُلْكِ تَمَرْتَاشَ حَلَبَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، قَبَضَ بَلْكُ بْنُ بَهْرَامَ بْنِ أُرْتُقَ، صَاحِبُ حَلَبَ، عَلَى الْأَمِيرِ حَسَّانَ الْبَعْلَبَكِّيِّ، صَاحِبِ مَنْبِجَ، وَسَارَ إِلَيْهَا فَحَصَرَهَا، فَمَلَكَ الْمَدِينَةَ، وَحَصَرَ الْقَلْعَةَ، فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، فَسَارَ الْفِرِنْجُ إِلَيْهِ لِيُرَحِّلُوهُ عَنْهَا لِئَلَّا يَقْوَى بِأَخْذِهَا، فَلَمَّا قَارَبُوهُ تَرَكَ عَلَى الْقَلْعَةِ مَنْ يَحْصُرُهَا، وَسَارَ فِي بَاقِي عَسْكَرِهِ إِلَى الْفِرِنْجِ، فَلَقِيَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ، فَكَسَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَعَادَ إِلَى مَنْبِجَ فَحَصَرَهَا، فَبَيْنَمَا هُوَ يُقَاتِلُ مَنْ بِهَا أَتَاهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، لَا يُدْرَى مَنْ رَمَاهُ، وَاضْطَرَبَ عَسْكَرُهُ وَتَفَرَّقُوا، وَخَلَصَ حَسَّانُ مِنَ الْحَبْسِ، فَكَانَ حُسَامُ الدِّينِ تَمَرْتَاشُ بْنُ إِيلْغَازِي بْنِ أُرْتُقَ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ بَلْكَ، فَحَمَلَهُ مَقْتُولًا إِلَى ظَاهِرِ حَلَبَ، وَتَسَلَّمَهَا فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَزَالَ الْحِصَارُ عَنْ قَلْعَةِ مَنْبِجَ، وَعَادَ إِلَيْهَا صَاحِبُهَا حَسَّانُ، وَاسْتَقَرَّ تَمَرْتَاشُ بِحَلَبَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا.
ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا نَائِبًا لَهُ يَثِقُ بِهِ، وَرَتَّبَ عِنْدَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ جُنْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَادَ إِلَى مَارِدِينَ، لِأَنَّهُ رَأَى الشَّامَ كَثِيرَةَ الْحَرْبِ مَعَ الْفِرِنْجِ، وَكَانَ رَجُلًا يُحِبُّ الدَّعَةَ وَالرَّفَاهَةَ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى مَارِدِينَ أُخِذَتْ حَلَبُ مِنْهُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute