[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَة]
١٥٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَوَّلَ الْمَهْدِيُّ الْحَسَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ مَحْبِسِهِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَحْبُوسًا مَعَ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا أُطْلِقَ يَعْقُوبُ وَبَقِيَ هُوَ سَاءَ ظَنُّهُ، فَالْتَمَسَ مَخْرَجًا، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَحَفَرَ سِرْبًا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ يَعْقُوبَ، فَأَتَى ابْنَ عُلَاثَةَ الْقَاضِي، وَكَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِهِ، فَقَالَ: عِنْدِي نَصِيحَةٌ لِلْمَهْدِيِّ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ إِيصَالَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ وَزِيرِهِ، لِيَرْفَعَهَا إِلَيْهِ، فَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ، فَلَمَّا سَأَلَهُ عَنْ نَصِيحَتِهِ، سَأَلَهُ عَنْ إِيصَالِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ لِيُعْلِمَهُ بِهَا، فَأَوْصَلَهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَخْلَاهُ، فَأَعْلَمَهُ الْمَهْدِيُّ ثِقَتَهُ بِوَزِيرِهِ وَابْنِ عُلَاثَةَ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، حَتَّى قَامَا، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الْحَسَنِ، فَأَنْفَذَ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَأَتَاهُ بِتَحْقِيقِ الْحَالِ، فَأَمَرَ بِتَحْوِيلِ الْحَسَنِ، فَحُوِّلَ.
ثُمَّ احْتِيلَ لَهُ فِيمَا بَعْدُ، فَهَرَبَ وَطُلِبَ، فَلَمْ يُظْفَرْ بِهِ، فَأَحْضَرَ الْمَهْدِيُّ يَعْقُوبَ وَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَكَانَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ أَعْطَاهُ الْأَمَانَ أَتَاهُ بِهِ فَآمَنَهُ وَضَمِنَ لَهُ الْإِحْسَانَ، فَقَالَ لَهُ: اتْرُكْ طَلَبَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوحِشُهُ، فَتَرَكَ طَلَبَهُ.
ثُمَّ إِنَّ يَعْقُوبَ تَقَدَّمَ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ، فَأُحْضِرَ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَهُ.
ذِكْرُ تَقَدُّمِ يَعْقُوبَ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ
قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُصُولِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَحْضَرَهُ الْمَهْدِيُّ عِنْدَهُ فِي أَمْرِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنَّكَ قَدْ بَسَطْتَ عَدْلَكَ لِرَعِيَّتِكَ، وَأَنْصَفْتَهُمْ، وَأَحْسَنْتَ إِلَيْهِمْ، فَعَظُمَ رَجَاؤُهُمْ، وَقَدْ بَقِيَتْ أَشْيَاءُ لَوْ ذَكَرْتُهَا لَكَ لَمْ تَدَعِ النَّظَرَ فِيهَا، وَأَشْيَاءُ خَلْفَ بَابِكَ تَعْمَلُ فِيهَا وَلَا تَعْلَمُ بِهَا، فَإِنْ جَعَلْتَ إِلَيَّ السَّبِيلَ إِلَيْكَ وَرَفَعْتُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute