[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ]
١٨٠ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ هِشَامٍ
وَفِيهَا مَاتَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ، فِي صَفَرٍ، وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ سَبْعَ سِنِينَ وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ عُمُرُهُ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْوَلِيدِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ.
كَانَ أَبْيَضَ أَشْهَلَ، مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ، بِعَيْنَيْهِ حَوَلٌ، وَخَلَّفَ خَمْسَةَ بَنِينَ، وَكَانَ عَامِلًا حَازِمًا، ذَا رَأْيٍ وَشَجَاعَةٍ وَعَدْلٍ، خَيِّرًا، مُحِبًّا لِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، شَدِيدًا عَلَى الْأَعْدَاءِ، رَاغِبًا فِي الْجِهَادِ.
وَمِنْ أَحْسَنِ عَمَلِهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ مُصَدِّقًا يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ أَيَّامَ وِلَايَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي تَمَّمَ بِنَاءَ الْجَامِعِ بِمَدِينَةِ قُرْطُبَةَ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ، وَبَنَى مَسَاجِدَ مَعَهُ، وَبَلَغَ مِنْ عِزِّ الْإِسْلَامِ فِي أَيَّامِهِ وَذُلِّ الْكُفْرِ أَنَّ رُجَلًا مَاتَ فِي أَيَّامِهِ، فَأَوْصَى أَنْ يُفَكَّ أَسِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَطُلِبَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُوجَدْ فِي دَارِ الْكُفَّارِ أَسِيرٌ يُشْتَرَى وَيُفَكُّ لِضَعْفِ الْعَدُوِّ وَقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
(وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرَهَا أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ كَثِيرًا، وَبَالَغُوا حَتَّى قَالُوا كَانَ يُشْبِهُ فِي سِيرَتِهِ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، رَحِمَهُ اللَّهُ) .
ذِكْرُ وِلَايَةِ ابْنِهِ الْحَكَمِ وَلَقَبِهِ الْمُنْتَصِرِ
وَلَمَّا مَاتَ اسْتَخْلَفَ بَعْدَهُ ابْنَهُ الْحَكَمَ، وَكَانَ الْحَكَمُ صَارِمًا، حَازِمًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنَ الْمَمَالِيكِ بِالْأَنْدَلُسِ، وَارْتَبَطَ الْخَيْلَ بِبَابِهِ، وَتَشَبَّهَ بِالْجَبَابِرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute