[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ]
١٣٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ذِكْرُ هَلَاكِ قَحْطَبَةَ وَهَزِيمَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَلَكَ قَحْطَبَةُ بْنُ شَبِيبٍ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قَحْطَبَةَ لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ وَصَارَ فِي غَرْبِيِّهِ، وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ لِثَمَانٍ مَضَيْنَ مِنْهُ، وَكَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ قَدْ عَسْكَرَ عَلَى فَمِ الْفُرَاتِ مِنْ أَرْضِ الْفَلُّوجَةِ الْعُلْيَا عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا مِنَ الْكُوفَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ فُلُّ بْنُ ضُبَارَةَ، فَأَمَدَّهُ مَرْوَانُ بِحَوْثَرَةَ الْبَاهِلِيِّ، فَقَالَ حَوْثَرَةُ وَغَيْرُهُ لِابْنِ هُبَيْرَةَ: إِنَّ قَحْطَبَةَ قَدْ مَضَى يُرِيدُ الْكُوفَةَ، فَاقْصِدْ أَنْتَ خُرَاسَانَ وَدَعْهُ وَمَرْوَانَ فَإِنَّكَ تَكْسِرُهُ وَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَتْبَعَكَ، قَالَ: مَا كَانَ لِيَتْبَعَنِي وَيَدَعَ الْكُوفَةَ، وَلَكِنَّ الرَّأْيَ أَنْ أُبَادِرَهُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَعَبَرَ دِجْلَةَ مِنَ الْمَدَائِنِ يُرِيدُ الْكُوفَةَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ حَوْثَرَةَ وَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْكُوفَةِ، وَالْفَرِيقَانِ يَسِيرَانِ عَلَى جَانِبَيِ الْفُرَاتِ. وَقَالَ قَحْطَبَةُ: إِنَّ الْإِمَامَ أَخْبَرَنِي أَنَّ [لِي] فِي هَذَا الْمَكَانِ وَقْعَةً يَكُونُ النَّصْرُ [فِيهَا] لَنَا.
وَنَزَلَ قَحْطَبَةُ الْجِبَارِيَةَ، وَقَدْ دَلُّوهُ عَلَى مَخَاضَةٍ، فَعَبَرَ مِنْهَا وَقَاتَلَ حَوْثَرَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ نَبَاتَةَ، فَانْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ وَفَقَدُوا قَحْطَبَةَ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ قَحْطَبَةَ فَلْيُخْبِرْنَا بِهِ. فَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ مَالِكٍ الْعَتَكِيُّ: سَمِعْتُ قَحْطَبَةَ يَقُولُ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَالْحَسَنُ ابْنِي أَمِيرُ النَّاسِ.
فَبَايَعَ النَّاسُ حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ لِأَخِيهِ الْحَسَنِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَهُ أَبُوهُ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأَحْضَرُوهُ، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ الْأَمْرَ.
وَلَمَّا فَقَدُوا قَحْطَبَةَ بَحَثُوا عَنْهُ فَوَجَدُوهُ فِي جَدْوَلٍ وَحَرْبَ بْنَ سَالِمِ بْنِ أَحْوَزَ قَتِيلَيْنِ، فَظَنُّوا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute