[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٨١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ مَسِيرِ الْمُعْتَضِدِ إِلَى مَارْدِينَ وَمُلْكِهِ إِيَّاهَا
وَفِيهَا خَرَجَ الْمُعْتَضِدُ الْخَرْجَةَ الثَّانِيَةَ إِلَى الْمَوْصِلِ، قَاصِدًا لِحَمْدَانَ بْنِ حَمْدُونَ، لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَمْدَانَ مَالَ إِلَى هَارُونَ الشَّارِيِّ، وَدَعَا لَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ الْأَعْرَابَ، وَالْأَكْرَادَ مَسِيرُ الْمُعْتَضِدِ تَحَالَفُوا أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَلَى دَمٍ وَاحِدٍ، وَاجْتَمَعُوا، وَعَبَّوْا عَسْكَرَهُمْ، وَسَارَ الْمُعْتَضِدُ إِلَيْهِمْ فِي خَيْلِهِ جَرِيدَةً، فَأَوْقَعَ بِهِمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ، وَغَرِقَ مِنْهُمْ فِي الزَّابِ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
وَسَارَ الْمُعْتَضِدُ إِلَى الْمَوْصِلِ يُرِيدُ قَلْعَةَ مَارْدِينَ، وَكَانَتْ لِحَمْدَانَ بْنِ حَمْدُونَ، فَهَرَبَ حَمْدَانُ مِنْهَا وَخَلَّفَ ابْنَهُ بِهَا، فَنَازَلَهَا الْمُعْتَضِدُ، وَقَاتَلَ مَنْ فِيهَا يَوْمَهُ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَكِبَ الْمُعْتَضِدُ فَصَعِدَ إِلَى بَابِ الْقَلْعَةِ، وَصَاحَ: يَا ابْنَ حَمْدَانَ! فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: افَتْحِ الْبَابَ، فَفَتَحَهُ، فَقَعَدَ الْمُعْتَضِدُ فِي الْبَابِ، وَأَمَرَ بِنَقْلِ مَا فِي الْقَلْعَةِ وَهَدَمَهَا، ثُمَّ وَجَّهَ خَلْفَ ابْنِ حَمْدُونَ، وَطُلِبَ أَشَدَّ الطَّلَبِ، وَأُخِذَتْ أَمْوَالٌ لَهُ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمُعْتَضِدُ بَعْدَ عَوْدِهِ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَفِي عَوْدِهِ قَصَدَ الْحَسَنِيَّةَ وَبِهَا رَجُلٌ كُرْدِيٌّ يُقَالُ لَهُ شَدَّادٌ فِي جَيْشٍ كَثِيرٍ، قِيلَ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافِ رَجُلٍ، وَكَانَ لَهُ قَلْعَةٌ، فَظَفِرَ بِهِ الْمُعْتَضِدُ وَهَدَمَ قَلْعَتَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute