للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذِكْرُ نُبُوَّةِ الْيَسَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَخْذِ التَّابُوتِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ]

فَلَمَّا انْقَطَعَ إِلْيَاسُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعَثَ اللَّهُ الْيَسَعَ، فَكَانَ فِيهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ وَعَظُمَتْ فِيهِمُ الْأَحْدَاثُ وَعِنْدَهُمُ التَّابُوتُ يَتَوَارَثُونَهُ، فِيهِ السَّكِينَةُ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَكَانُوا لَا يَلْقَاهُمْ عَدُوٌّ فَيُقَدِّمُونَ التَّابُوتَ إِلَّا هَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ، وَكَانَتِ السَّكِينَةُ شِبْهَ رَأْسِ هِرٍّ، فَإِذَا صَرَخَتْ فِي التَّابُوتِ بِصُرَاخِ هِرٍّ أَيْقَنُوا بِالنَّصْرِ وَجَاءَهُمُ الْفَتْحُ.

ثُمَّ خَلَّفَ فِيهَا مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ إِيلَافُ، وَكَانَ اللَّهُ يَمْنَعُهُمْ وَيَحْمِيهِمْ، فَلَمَّا عَظُمَتْ أَحْدَاثُهُمْ نَزَلَ بِهِمْ عَدُوٌّ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ وَأَخْرَجُوا التَّابُوتَ، فَاقْتَتَلُوا فَغَلَبَهُمْ عَدُوُّهُمْ عَلَى التَّابُوتِ وَأَخَذَهُ مِنْهُمْ وَانْهَزَمُوا، فَلَمَّا عَلِمَ مَلِكُهُمْ أَنَّ التَّابُوتَ أُخِذَ مَاتَ كَمَدًا، وَدَخَلَ الْعَدُوُّ أَرْضَهُمْ وَنَهَبَ وَسَبَى، وَعَادَ، فَمَكَثُوا عَلَى اضْطِرَابٍ مِنْ أَمْرِهِمْ وَاخْتِلَافٍ، وَكَانُوا يَتَمَادَوْنَ أَحْيَانًا فِي غَيِّهِمْ فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَنْتَقِمُ مِنْهُمْ، فَإِذَا رَاجَعُوا التَّوْبَةَ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُمْ شَرَّ عَدُوِّهِمْ، فَكَانَ هَذَا حَالَهُمْ مِنْ لَدُنْ تَوَفِّي يُوشَعَ بْنِ نُونٍ إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ أَشْمُوِيلَ وَمَلِكَهُمْ طَالُوتَ، وَرَدَّ عَلَيْهِمُ التَّابُوتَ.

وَكَانَتْ مُدَّةُ مَا بَيْنَ وَفَاةِ يُوشَعَ، الَّذِي كَانَ يَلِي أَمْرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْضَهَا الْقُضَاةُ، وَبَعْضَهَا الْمُلُوكُ، وَبَعْضَهَا الْمُتَغَلِّبُونَ إِلَى أَنْ ثَبَتَ الْمُلْكُ فِيهِمْ وَرَجَعَتِ النُّبُوَّةُ إِلَى أَشْمُوِيلَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مَنْ نَسْلِ لُوطٍ يُقَالُ لَهُ كُوشَانُ فَقَهَرَهُمْ وَأَذَلَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>