للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ]

٢٣٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ بُغَا بِتَفْلِيسَ

قَدْ ذَكَرْنَا مَسِيرَ بُغَا إِلَى تَفْلِيسَ، وَمُحَاصَرَتَهَا، وَكَانَ بُغَا لَمَّا سَارَ إِلَيْهَا وَجَّهَ زِيرِكَ التُّرْكِيَّ، فَجَازَ نَهْرَ الْكَرِّ، وَهُوَ نَهْرٌ كَبِيرٌ، وَمَدِينَةُ تَفْلِيسَ عَلَى حَافَّتِهِ، وَصغدبيلُ عَلَى جَانِبِهِ الشَّرْقِيِّ، فَلَمَّا عَبَرَ النَّهْرَ نَزَلَ بِمَيْدَانِ تَفْلِيسَ، وَوَجَّهَ بُغَا أَيْضًا أَبَا الْعَبَّاسِ الْوَارِثِيَّ النَّصْرَانِيَّ إِلَى أَهْلِ أَرْمِينِيَّةَ عَرَبِهَا وَعَجَمِهَا، فَأَتَى تَفْلِيسَ مِمَّا يَلِي بَابَ الْمُرَصَّفِ، فَخَرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ تَفْلِيسَ إِلَى زِيرِكَ، فَقَابَلَهُ عِنْدَ الْمَيْدَانِ، وَوَقَفَ بُغَا عَلَى تَلٍّ مُشْرِفٍ يَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ زِيرِكُ وَأَبُو الْعَبَّاسِ، فَدَعَا بُغَا النَّفَّاطِينَ، فَضَرَبُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ، فَأَحْرَقُوهَا وَهِيَ مِنْ خَشَبِ الصَّنَوْبَرِ.

وَأَقْبَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَأَى النَّارَ قَدْ أَحْرَقَتْ قَصْرَهُ وَجَوَارِيَهُ وَأَحَاطَتْ بِهِ، فَأَتَاهُ الْأَتْرَاكُ، وَالْمَغَارِبَةُ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَأَخَذُوا ابْنَهُ عَمْرًا، فَأَتَوْا بِهِمَا بُغَا، فَأَمَرَ بِإِسْحَاقَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَصُلِبَتْ جُثَّتُهُ عَلَى نَهْرِ الْكَرِّ، وَكَانَ شَيْخًا مَحْدُورًا، ضَخْمَ الرَّأْسِ، أَحْوَلَ، وَاحْتَرَقَ بِالْمَدِينَةِ نَحْوُ خَمْسِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ، وَأَسَرُوا مَنْ سَلِمَ مِنَ النَّارِ، وَسَلَبُوا الْمَوْتَى.

وَأَخَذَ أَهْلُ إِسْحَاقَ مَا سَلِمَ مِنْ مَالِهِ بصغدبيلَ وَهِيَ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ حِذَاءَ تَفْلِيسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>