[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ]
٩٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ
ذِكْرُ مَقْتَلِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَنْدَلُسِ، كَمَا ذَكَرْنَا، عِنْدَ عَوْدِهِ إِلَى الشَّامِ، فَضَبَطَهَا وَسَدَّدَ أُمُورَهَا، وَحَمَى ثُغُورَهَا، وَافْتَتَحَ فِي إِمَارَتِهِ مَدَائِنَ بَقِيَتْ بَعْدَ أَبِيهِ، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلًا، وَتَزَوَّجَ امْرَأَةَ رُذَرِيقَ، فَحَظِيَتْ عِنْدَهُ وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ، فَحَمَلَتْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَصْحَابَهُ وَرَعِيَّتَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ إِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِزَوْجِهَا رُذَرِيقَ. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي دِينِنَا. فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى أَمَرَ فَفُتِحَ بَابٌ قَصِيرٌ لِمَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِيهِ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا دَخَلَ مِنْهُ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَيَصِيرُ كَالرَّاكِعِ، فَرَضِيَتْ بِهِ، فَصَارَ كَالسُّجُودِ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: الْآنَ لَحِقْتَ بِالْمُلُوكِ، وَبَقِيَ أَنْ أَعْمَلَ لَكَ تَاجًا مِمَّا عِنْدِي مِنَ الذَّهَبِ وَاللُّؤْلُؤِ، فَأَبَى، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى فَعَلَ. فَانْكَشَفَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ: تَنَصَّرَ، وَفَطِنُوا لِلْبَابِ، فَثَارُوا عَلَيْهِ، فَقَتَلُوهُ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ.
وَقِيلَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بَعْثَ إِلَى الْجُنْدِ فِي قَتْلِهِ عِنْدَ سُخْطِهِ عَلَى وَالِدِهِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمِحْرَابِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ وَقَدْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةَ الْوَاقِعَةِ، فَضَرَبُوهُ بِالسُّيُوفِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَأَخَذُوا رَأْسَهُ فَسَيَّرُوهُ إِلَى سُلَيْمَانَ، فَعَرَضَهُ سُلَيْمَانُ عَلَى أَبِيهِ، فَتَجَلَّدَ لِلْمُصِيبَةِ، وَقَالَ: هَنِيئًا لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَقَدْ قَتَلْتُمُوهُ وَاللَّهِ صَوَّامًا قَوَّامًا. وَكَانُوا يَعُدُّونَهَا مِنْ زَلَّاتِ سُلَيْمَانَ. وَكَانَ قَتْلُهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ فِي آخِرِهَا.
ثُمَّ إِنْ سُلَيْمَانَ وَلَّى الْأَنْدَلُسَ الْحُرَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيَّ، فَأَقَامَ وَالِيًا عَلَيْهَا إِلَى أَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute