للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَعَزَلَهُ، هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْنَا ذِكْرَهُ مِنْ قَتْلِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ.

وَفِيهَا عَزَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ إِفْرِيقِيَّةَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْقُرَشِيَّ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ سُلَيْمَانُ فَعُزِلَ، فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَكَانَهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ سَنَةَ مِائَةٍ، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، فَأَسْلَمَ الْبَرْبَرُ فِي أَيَّامِهِ جَمِيعُهُمْ.

ذِكْرُ وِلَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ خُرَاسَانَ

وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا وَلَّى يَزِيدَ الْعِرَاقَ فَوَّضَ إِلَيْهِ حَرْبَهَا وَالصَّلَاةَ بِهَا وَخَرَاجَهَا، فَنَظَرَ يَزِيدُ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: إِنَّ الْعِرَاقَ قَدْ أَخْرَبَهَا الْحَجَّاجُ، وَأَنَا الْيَوْمَ رَجُلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَمَتَى قَدِمْتُهَا وَأَخَذْتُ النَّاسَ بِالْخَرَاجِ وَعَذَّبْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ صِرْتُ مِثْلَ الْحَجَّاجِ، وَأَعَدْتُ عَلَيْهِمُ السُّجُونَ، وَمَا عَافَاهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، وَمَتَى لَمْ آتِ سُلَيْمَانَ بِمِثْلِ مَا كَانَ الْحَجَّاجُ أَتَى بِهِ لَمْ يَقْبَلْ مِنِّي. فَأَتَى يَزِيدُ سُلَيْمَانَ وَقَالَ: أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ بَصِيرٍ بِالْخَرَاجِ تَوَلِّيهِ إِيَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى [بَنِي] تَمِيمٍ، فَوَلَّاهُ الْخَرَاجَ وَسَيَّرَهُ قَبْلَ يَزِيدَ، فَنَزَلَ وَاسِطًا، وَأَقْبَلَ يَزِيدُ، فَخَرَجَ النَّاسُ يَتَلَقَّوْنَهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ صَالِحٌ حَتَّى قَرُبَ يَزِيدُ، فَخَرَجَ صَالِحٌ فِي الدُّرَّاعَةِ، بَيْنَ يَدَيْهِ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَقِيَ يَزِيدَ وَسَايَرَهُ، فَنَزَلَ يَزِيدُ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ صَالِحٌ فَلَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ شَيْءٍ، وَاتَّخَذَ [يَزِيدُ] أَلْفَ خِوَانٍ يُطْعِمُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَأَخَذَهَا صَالِحٌ، فَقَالَ يَزِيدُ: اكْتُبْ ثَمَنَهَا عَلَيَّ. وَاشْتَرَى يَزِيدُ مَتَاعًا وَكَتَبَ صَكًّا بِثَمَنِهِ إِلَى صَالِحٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ لِيَزِيدَ: إِنَّ الْخَرَاجَ لَا يَقُومُ بِمَا تُرِيدُ وَلَا يَرْضَى بِهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَتُؤْخَذُ بِهِ. فَضَاحَكَهُ يَزِيدُ، وَقَالَ: أَجْرِ هَذَا الْمَالَ هَذِهِ الْمَرَّةَ وَلَا أَعُودُ. فَفَعَلَ صَالِحٌ.

وَكَانَ سُلَيْمَانُ لَمْ يَجْعَلْ خُرَاسَانَ إِلَى يَزِيدَ، فَضَجِرَ يَزِيدُ مِنَ الْعِرَاقِ لِتَضْيِيقِ صَالِحٍ عَلَيْهِ، فَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأَهْتَمِ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُكَ لِأَمْرٍ قَدْ أَهَمَّنِي فَأُحِبُّ أَنْ تَكْفِيَنِيهِ. قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: أَنَا فِيمَا تَرَى مِنَ الضِّيقِ وَقَدْ ضَجِرْتُ مِنْهُ، وَخُرَاسَانُ شَاغِرَةٌ بِرَجُلِهَا فَهَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>