[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣١٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ أَخْبَارِ الْقَرَامِطَةِ
لَمَّا سَارَ الْقَرَامِطَةُ مِنَ الْأَنْبَارِ عَادَ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا ثَالِثَ الْمُحَرَّمِ، وَسَارَ أَبُو طَاهِرٍ الْقَرْمَطِيُّ إِلَى الدَّالِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الْفُرَاتِ، فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا، فَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا جَمَاعَةً، ثُمَّ سَارَ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَدَخَلَهَا ثَامِنَ الْمُحَرَّمِ، بَعْدَ أَنْ حَارَبَهُ أَهْلُهَا، فَوَضَعَ فِيهِمُ السَّيْفَ بَعْدَ أَنْ ظَفِرَ بِهِمْ، فَأُمِرَ مُؤْنِسٌ الْمُظَفَّرُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الرَّقَّةِ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي صَفَرٍ، وَجَعَلَ طَرِيقَهُ عَلَى الْمَوْصِلِ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَنَزَلَ بِهَا، وَأَرْسَلَ أَهْلُ قَرْقِيسِيَا يَطْلُبُونَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَظْهَرَ أَحَدٌ بِالنَّهَارِ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ.
وَسَيَّرَ أَبُو طَاهِرٍ سَرِيَّةً إِلَى الْأَعْرَابِ بِالْجَزِيرَةِ فَنَهَبُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَخَافَهُ الْأَعْرَابُ خَوْفًا شَدِيدًا وَهَرَبُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِمْ إِتَاوَةً عَلَى كُلِّ رَأْسٍ دِينَارٌ يَحْمِلُونَهُ إِلَى هَجَرَ، ثُمَّ صَعِدَ أَبُو طَاهِرٍ مِنَ الرَّحْبَةِ إِلَى الرِّقَّةِ، فَدَخَلَ أَصْحَابُهُ الرَّبَضَ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، وَأَعَانَ أَهْلُ الرَّقَّةِ أَهَّلَ الرَّبَضِ، وَقَتَلُوا مِنَ الْقَرَامِطَةِ جَمَاعَةً، فَقَاتَلَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ انْصَرَفُوا آخِرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ.
وَبَثَّتِ الْقَرَامِطَةُ سَرِيَّةً إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ، وَكَفَرْتُوثَا، فَطَلَبَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ، فَأَمَّنُوهُمْ، وَسَارُوا أَيْضًا إِلَى سِنْجَارَ، فَنَهَبُوا الْجِبَالَ، وَنَازَلُوا سِنْجَارَ، فَطَلَبَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ، فَأَمَّنُوهُمْ.
وَكَانَ مُؤْنِسٌ قَدْ وَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، فَبَلَغَهُ قَصْدُ الْقَرَامِطَةِ إِلَى الرَّقَّةِ (فَجَدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute