للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى فِي دَارِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَّا مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً.

وَرَجَعَ مُصْعَبٌ إِلَى مَنْزِلِ أَسْعَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مُسْلِمُونَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَوَائِلٍ وَوَاقِفٌ، فَإِنَّهُمْ أَطَاعُوا أَبَا قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ، فَوَقَفَ بِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ حَتَّى هَاجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَضَتْ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ، وَعَادَ مُصْعَبٌ إِلَى مَكَّةَ.

(أُسَيْدٌ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَفَتْحِ السِّينِ، وَحُضَيْرٌ: بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَتَسْكِينِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ، وَفِيِ آخِرِهِ رَاءٌ) .

[ذِكْرُ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ]

لَمَّا فَشَا الْإِسْلَامُ فِي الْأَنْصَارِ اتَّفَقَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَخْفِينَ لَا يَشْعُرُ بِهِمْ أَحَدٌ، فَسَارُوا إِلَى مَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مَعَ كُفَّارِ قَوْمِهِمْ وَاجْتَمَعُوا بِهِ وَوَاعَدُوهُ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِالْعَقَبَةِ.

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجُوا بَعْدَ مُضِيِّ ثُلُثِهِ، مُسْتَخْفِينَ يَتَسَلَّلُونَ حَتَّى اجْتَمَعُوا بِالْعَقَبَةِ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، مَعَهُمُ امْرَأَتَانِ: نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍأُمُّ عُمَارَةَ وَأَسْمَاءُ أُمُّ عَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ وَجَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَمَعَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ كَافِرٌ أَحَبَّ أَنْ يَتَوَثَّقَ لِابْنِ أَخِيهِ، فَكَانَ الْعَبَّاسُ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الْخَزْرَجَ وَالْأَوْسَ بِهِ، إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ فِي عِزٍّ وَمَنَعَةٍ، وَإِنَّهُ قَدْ أَبَى إِلَّا الِانْقِطَاعَ إِلَيْكُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ وَمَانِعُوهُ فَأَنْتُمْ وَذَلِكَ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ مُسْلِمُوهُ فَمِنَ الْآنَ فَدَعُوهُ فَإِنَّهُ فِي عِزٍّ وَمَنَعَةٍ.

فَقَالَ الْأَنْصَارُ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَخُذْ لِنَفْسِكَ وَرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>