للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٩٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ غَزْوَةِ بَهِيمِ نُغُرَ

لَمَّا فَرَغَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْغَزْوَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ، وَاسْتَرَاحَ هُوَ وَعَسْكَرُهُ، اسْتَعَدَّ لِغَزْوَةٍ أُخْرَى، فَسَارَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَانْتَهَى إِلَى شَاطِئِ نَهْرِ هِنْدَمَنْدَ، فَلَاقَاهُ هُنَاكَ إِبْرَهْمَنُ بَالُ بْنُ إِنْدِبَالَ فِي جُيُوشِ الْهِنْدِ، فَاقْتَتَلُوا مَلِيًّا مِنَ النَّهَارِ، وَكَادَتِ الْهِنْدُ تَظْفَرُ بِالْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَرَ عَلَيْهِمْ، فَظَفِرَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَانْهَزَمُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَأَخَذَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالسَّيْفِ.

وَتَبِعَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ أَثَرَ إِبْرَهْمَنَ بَالَ، حَتَّى بَلَغَ قَلْعَةَ بَهِيمِ نُغُرَ، وَهِيَ عَلَى جَبَلٍ عَالٍ كَانَ الْهِنْدُ قَدْ جَعَلُوهَا خِزَانَةً لِصَنَمِهِمُ الْأَعْظَمِ، فَيَنْقُلُونَ إِلَيْهَا أَنْوَاعَ الذَّخَائِرِ، قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، وَأَعْلَاقَ الْجَوَاهِرِ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ دِينًا وَعِبَادَةً، فَاجْتَمَعَ فِيهَا عَلَى طُولِ الْأَزْمَانِ مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، فَنَازَلَهُمْ يَمِينُ الدَّوْلَةِ وَحَصَرَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ.

فَلَمَّا رَأَى الْهُنُودُ كَثْرَةَ جَمْعِهِ، وَحِرْصِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَزَحْفِهِمْ إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، خَافُوا وَجَبُنُوا، وَطَلَبُوا الْأَمَانَ، وَفَتَحُوا بَابَ الْحِصْنِ، وَمَلَكَ الْمُسْلِمُونَ الْقَلْعَةَ، وَصَعِدَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَيْهَا فِي خَوَاصِّ أَصْحَابِهِ وَثِقَاتِهِ، فَأَخَذَ مِنْهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ مَا لَا يُحَدُّ، وَمِنَ الدَّرَاهِمِ تِسْعِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ شَاهِيَّةٍ، وَمِنَ الْأَوَانِي الذَّهَبِيَّاتِ وَالْفِضِّيَّاتِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ مَنٍّ، وَكَانَ فِيهَا بَيْتٌ مَمْلُوءٌ مِنْ فِضَّةٍ طُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْتِعَةِ. وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ بِهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>