[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٥٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى عَمِيدِ الْمُلْكِ وَقَتْلِهِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرُسُلَانَ عَلَى الْوَزِيرِ عَمِيدِ الْمُلْكِ أَبِي نَصْرٍ (مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدٍ) الْكُنْدُرِيِّ وَزِيرِ طُغْرُلْبِكْ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَمِيدَ الْمُلْكِ قَصَدَ خِدْمَةَ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَزِيرِ أَلْب أَرْسَلَانَ، وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَاعْتَذَرَ، وَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، فَسَارَ أَكْثَرُ النَّاسِ مَعَهُ، فَخُوِّفَ السُّلْطَانُ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَأَنْفَذَهُ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، وَأَتَتْ عَلَيْهِ سَنَةٌ فِي الِاعْتِقَالِ، ثُمَّ نَفَذَ إِلَيْهِ غُلَامَيْنِ فَدَخَلَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْمُومٌ، فَقَالَا لَهُ: تُبْ مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ، وَدَخَلَ فَوَدَّعَ أَهْلَهُ، وَخَرَجَ إِلَى مَسْجِدٍ هُنَاكَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَأَرَادَ الْغُلَامَانِ خَنْقَهُ، فَقَالَ: لَسْتُ بِلِصٍّ! وَخَرَقَ خِرْقَةً مِنْ طَرَفِ كُمِّهِ وَعَصَبَ عَيْنَيْهِ، فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَلُفَّ فِي قَمِيصٍ دَبِيقِيٍّ مِنْ مَلَابِسِ الْخَلِيفَةِ، وَخِرْقَةٍ كَانَتِ الْبُرْدَةُ الَّتِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ فِيهَا، وَحُمِلَتْ جُثَّتُهُ إِلَى كُنْدُرَ، فَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ، وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ قُتِلَ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَكَانَ سَبَبُ اتِّصَالِهِ بِالسُّلْطَانِ طُغْرُلْبِكْ أَنَّ السُّلْطَانَ لَمَّا وَرَدَ نَيْسَابُورَ طَلَبَ رَجُلًا يَكْتُبُ لَهُ، وَيَكُونُ فَصِيحًا بِالْعَرَبِيَّةِ، فَدَلَّ عَلَيْهِ الْمُوَفَّقُ، وَالِدُ أَبِي سَهْلٍ، وَأَعْطَتْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute