السَّعَادَةُ، وَكَانَ فَصِيحًا، فَاضِلًا، وَانْتَشَرَ مِنْ شِعْرِهِ مَا قَالَهُ فِي غُلَامٍ تُرْكِيٍّ صَغِيرِ السِّنِّ كَانَ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِهِ يَقْطَعُ بِالسِّكِّينِ قَصَبَةً، فَقَالَ عَمِيدُ الْمُلْكِ فِيهِ:
أَنَا مَشْغُولٌ بِحُبِّهْ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِلَعِبِهْ ... لَوْ رَدَّ اللَّهُ خَيِّرًا، وَصَلَاحًا لِمُحِبِّهْ
نُقِلَتْ رِقَّةُ خَدَّيْ هِ إِلَى قَسْوَةِ قَلْبِهْ ... صَانَهُ اللَّهُ فَمَا أَكْ ثَرَ إِعْجَابِي بِعُجْبِهْ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:.
إِذَا كَانَ بِالنَّاسِ ضِيقٌ عَلَى مُنَاقَشَتِي ... فَالْمَوْتُ قَدْ وَسِعَ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ
مَضَيْتُ، وَالشَّامِتُ الْمَغْبُونُ يَتْبَعُنِي ... ، كُلٌّ لِكَأْسِ الْمَنَايَا شَارِبٌ حَاسِي
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْبَاخَرْزِيُّ يُخَاطِبُ أَلْبَ أَرُسُلَانَ عِنْدَ قَتْلِ الْكُنْدُرِيِّ:
وَعَمُّكَ أَدْنَاهُ، وَأَعْلَى مَحِلَّهُ ... ، وَبَوَّأَهُ مِنْ مُلْكِهِ كَنَفًا رَحْبَا
قَضَى كُلُّ مَوْلًى مِنْكُمَا حَقَّ عَبْدِهِ ... فَخَوَّلَهُ الدُّنْيَا، وَخَوَّلَتْهُ الْعُقْبَى
وَكَانَ عَمِيدُ الْمُلْكِ خَصِيًّا، قَدْ خَصَاهُ طُغْرُلْبِكْ لِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً لِيَتَزَوَّجَهَا، فَتَزَوَّجَهَا هُوَ، وَعَصَى عَلَيْهِ، فَظَفِرَ بِهِ وَخَصَاهُ، وَأَقَرَّهُ عَلَى خِدْمَتِهِ.
وَقِيلَ بَلْ أَعْدَاؤُهُ أَشَاعُوا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَخَصَى نَفْسَهُ لِيَخْلُصَ مِنْ سِيَاسَةِ السَّلْطَنَةِ، فَقَالَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاخَرْزِيُّ:
قَالُوا: مَحَا السُّلْطَانُ عَنْهُ بِعِزَّةٍ ... سِمَةَ الْفُحُولِ، وَكَانَ قَرْمًا صَائِلَا
قُلْتُ، اسْكُتُوا، فَالْآنَ زَادَ فُحُولَةً ... لَمَّا اغْتَدَى عَنْ أُنْثَيَيْهِ عَاطِلَا
فَالْفَحْلُ يَأْنَفُ أَنْ يُسَمَّى بَعْضُهُ ... أُنْثَى، لِذَلِكَ جَذَّهُ مُسْتَأْصِلَا.