[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
(٥٤٨)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ انْهِزَامِ سَنْجَرَ مِنَ الْغُزِّ وَنَهْبِهِمْ خُرَاسَانَ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، انْهَزَمَ السُّلْطَانُ سَنْجَرَ مِنَ الْأَتْرَاكِ الْغُزِّ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ التُّرْكِ مُسْلِمُونَ، كَانُوا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، فَلَمَّا مَلَكَ الْخَطَا أَخْرَجُوهُمْ مِنْهُ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَقَصَدُوا خُرَاسَانَ، وَكَانُوا خَلْقًا كَثِيرًا فَأَقَامُوا بِنَوَاحِي بَلْخَ يَرْعَوْنَ فِي مَرَاعِيهَا، وَكَانَ لَهُمْ أُمَرَاءُ اسْمُ أَحَدِهِمْ دِينَارٌ، وَالْآخَرُ بُخْتِيَارُ، وَالْآخَرُ طَوْطَى، وَالْآخَرُ أَرْسَلَانَ، وَالْآخَرُ جَغَرُ، وَالْآخَرُ مَحْمُودٌ، فَأَرَادَ الْأَمِيرُ قَمَاجُ، وَهُوَ مُقْطِعُ بَلْخَ، إِبْعَادَهُمْ، فَصَانَعُوهُ بِشَيْءٍ بَذَلُوهُ لَهُ، فَعَادَ عَنْهُمْ، فَأَقَامُوا عَلَى حَالَةٍ حَسَنَةٍ لَا يُؤْذُونَ أَحَدًا، وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ.
ثُمَّ إِنَّ قَمَاجَ عَاوَدَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالِانْتِقَالِ عَنْ بَلَدِهِ، فَامْتَنَعُوا، وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ طَوَائِفِ التُّرْكِ، فَسَارَ قَمَاجُ إِلَيْهِمْ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَجَاءَ إِلَيْهِ أُمَرَاؤُهُمْ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُمْ، وَيَتْرُكَهُمْ فِي مَرَاعِيهِمْ، وَيُعْطُونَهُ مِنْ كُلِّ بَيْتٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَشَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِي الِانْتِزَاحِ عَنْ بَلَدِهِ، فَعَادُوا عَنْهُ، وَاجْتَمَعُوا وَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ قَمَاجُ وَنَهَبُوا مَالَهُ وَمَالَ عَسْكَرِهِ، وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ فِي الْعَسْكَرِ وَالرَّعَايَا، وَاسْتَرَقُّوا النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ، وَعَمِلُوا كُلَّ عَظِيمَةٍ، وَقَتَلُوا الْفُقَهَاءَ وَخَرَّبُوا الْمَدَارِسَ.
وَانْتَهَتِ الْهَزِيمَةُ بِقَمَاجَ إِلَى مَرْوَ، وَبِهَا السُّلْطَانُ سَنْجَرُ، فَأَعْلَمَهُ الْحَالَ، فَرَاسَلَهُمْ سَنْجَرُ يَتَهَدَّدُهُمْ، فَأَمَرَهُمْ بِمُفَارَقَةِ بِلَادِهِ، فَاعْتَذَرُوا، وَبَذَلُوا بَذْلًا كَثِيرًا لِيَكُفَّ عَنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute