[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٨٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحٍ وَمُلْكِ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُبِضَ عَلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحِ بْنِ مَنْصُورٍ السَّامَانِيِّ، صَاحِبِ بُخَارَى وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَمَلَكَ أَخُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ.
وَسَبَبُ قَبْضِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَصْدِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بَكْتُوزُونَ بِخُرَاسَانَ، وَعَوْدِهِ عَنْ نَيْسَابُورَ إِلَى مَرْوَ الرُّوذِ، فَلَمَّا نَزَلَهَا سَارَ بَكْتُوزُونُ إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورٍ وَهُوَ بِسَرَخْسَ، فَاجْتَمَعَ بِهِ فَلَمْ يَرَ مِنْ إِكْرَامِهِ وَبِرِّهِ مَا كَانَ يُؤَمِّلُهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى فَائِقٍ فَقَابَلَهُ فَائِقٌ بِأَضْعَافِ شَكْوَاهُ، فَاتَّفَقَا عَلَى خَلْعِهِ مِنَ الْمُلْكِ، وَإِقَامَةِ أَخِيهِ مَقَامَهُ، وَأَجَابَهُمَا إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْعَسْكَرِ، فَاسْتَحْضَرَهُ بَكْتُوزُونُ بِعِلَّةِ الِاجْتِمَاعِ لِتَدَبُّرِ مَا هُمْ بِصَدَدِهِ مِنْ أَمْرِ مَحْمُودٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِهِ قَبَضُوا عَلَيْهِ، وَأَمَرَ بَكْتُوزُونُ مَنْ سَمَلَهُ فَأَعْمَاهُ، وَلَمْ يُرَاقِبِ اللَّهَ وَلَا إِحْسَانَ مَوَالِيهِ، وَأَقَامُوا أَخَاهُ عَبْدَ الْمَلِكِ مَقَامَهُ فِي الْمُلْكِ، وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ.
وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَةِ مَنْصُورٍ سَنَةً وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ. وَمَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، وَأَرْسَلَ مَحْمُودٌ إِلَى فَائِقٍ وَبَكْتُوزُونَ يَلُومُهُمَا وَيُقَبِّحُ فِعْلَهُمَا، وَقَوِيَتْ نَفْسُهُ عَلَى لِقَائِهِمَا، وَطَمِعَ فِي الِاسْتِقْلَالِ بِالْمُلْكِ، فَسَارَ نَحْوَهُمَا عَازِمًا عَلَى الْقِتَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute