[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّمِائَة]
٦٠٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ الْعَادِلِ الْخَابُورَ وَنَصِيبِينَ وَحَصْرِهِ سِنْجَارَ وَعَوْدِهِ عَنْهَا وَاتِّفَاقِ نُورِ الدِّينِ أَرَسْلَان شَاهْ وَمُظَفَّرِ الدِّينِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ الْعَادِلُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَيُّوبَ بَلَدَ الْخَابُورِ وَنَصِيبِينَ، وَحَصَرَ مَدِينَةَ سِنْجَارَ، وَالْجَمِيعَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَزِيرَةِ، وَهُوَ بِيَدِ قُطْبِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ زَنْكِي مَوْدُودٍ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قُطْبَ الدِّينِ الْمَذْكُورَ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّهِ نُورِ الدِّينِ أَرَسْلَان شَاهْ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَوْدُودٍ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، عَدَاوَةٌ مُسْتَحْكَمَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ حَصَلَتْ مُصَاهَرَةٌ بَيْنَ نُورِ الدِّينِ وَالْعَادِلِ، فَإِنَّ وَلَدًا لِلْعَادِلِ تَزَوَّجَ بِابْنَةٍ لِنُورِ الدِّينِ، وَكَانَ لِنُورِ الدِّينِ وُزَرَاءٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْهُمْ، فَحَسَّنُوا لَهُ مُرَاسَلَةَ الْعَادِلِ وَالِاتِّفَاقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَقْتَسِمَا بِالْبِلَادِ الَّتِي لَقُطْبِ الدِّينِ، وَبِالْوِلَايَةِ الَّتِي لَوَلَدِ سَنْجَر شَاهْ بْنِ غَازِي بْنِ مَوْدُودٍ، وَهِيَ جَزِيرَةُ ابْنِ عُمَرَ وَأَعْمَالِهَا، فَيَكُونُ مُلْكُ قُطْبِ الدِّينِ لِلْعَادِلِ، وَتَكُونُ الْجَزِيرَةُ لِنُورِ الدِّينِ.
فَوَافَقَ هَذَا الْقَوْلُ هَوَى نُورِ الدِّينِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْعَادِلِ فِي الْمَعْنَى، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ مُسْتَبْشِرًا وَجَاءَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَرْجُوهُ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى مَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ أَخَذَ الْمَوْصِلَ وَغَيْرَهَا، وَأَطْمَعَ نُورَ الدِّينِ أَيْضًا فِي أَنْ يُعْطِيَ هَذِهِ الْبِلَادَ، إِذَا مَلَكَهَا، لِوَلَدِهِ الَّذِي هُوَ زَوْجُ ابْنَةِ نُورِ الدِّينِ، وَيَكُونُ مُقَامُهُ فِي خِدْمَتِهِ بِالْمَوْصِلِ، وَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَتَحَالَفَا عَلَيْهَا فَبَادَرَ الْعَادِلُ إِلَى الْمَسِيرِ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الْفُرَاتِ فِي عَسَاكِرِهِ، وَقَصَدَ الْخَابُورَ فَأَخَذَهُ.
فَلَمَّا سَمِعَ نُورُ الدِّينِ بِوُصُولِهِ كَأَنَّهُ خَافَ وَاسْتَشْعَرَ، فَأَحْضَرَ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى رَأْيِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute