وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعُونَ سَنَةً.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَتَرَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتْرَةً، فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ يَغْدُو إِلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ لِيَتَرَدَّى مِنْهَا، فَكُلَّمَا رَقِيَ ذُرْوَةَ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرَائِيلُ فَيَقُولُ: إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَرْجِعُ نَفْسُهُ. فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنْذِرَ قَوْمَهُ عَذَابَ اللَّهِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ دُونَ اللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ، وَأَنْ يُحَدِّثَ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ عَلَيْهِ - وَهِيَ النُّبُوَّةُ فِي قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ - فَكَانَ يَذْكُرُ ذَلِكَ سِرًّا لِمَنْ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ زَوْجَتُهُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ اسْتَجَابَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةُ.
ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ فَرَضَ اللَّهُ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْأَوْثَانِ: الصَّلَاةُ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا فُرِضَتْ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ جِبْرَائِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي، فَانْفَجَرَتْ فِيهِ عَيْنٌ، فَتَوَضَّأَ جِبْرَائِيلُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ الطَّهُورُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ، ثُمَّ قَامَ جِبْرَائِيلُ فَصَلَّى بِهِ، وَصَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَلَاتِهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَدِيجَةَ فَعَلَّمَهَا الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى بِهَا فَصَلَّتْ بِصَلَاتِهِ.
[ذِكْرُ الْمِعْرَاجِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَقْتِ الْمِعْرَاجِ، فَقِيلَ: كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute