[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ]
١٤٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ ظُهُورِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ ظُهُورُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْمَدِينَةِ، لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: رَابِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَخْبَارَهُ وَتَبِعَتَهُ وَحَمْلَ الْمَنْصُورِ أَهْلَهُ إِلَى الْعِرَاقِ.
فَلَمَّا حَمَلَهُمْ وَسَارَ بِهِمْ رَدَّ رِيَاحًا إِلَى الْمَدِينَةِ أَمِيرًا عَلَيْهَا، فَأَلَحَّ فِي طَلَبِ مُحَمَّدٍ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَطَلَبَهُ حَتَّى سَقَطَ ابْنُهُ فَمَاتَ، وَأَرْهَقَهُ الطَّلَبُ يَوْمًا، فَتَدَلَّى فِي بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ يُنَاوِلُ أَصْحَابَهُ الْمَاءَ، وَانْغَمَسَ فِي الْمَاءِ إِلَى حَلْقِهِ، وَكَانَ بَدَنُهُ لَا يَخْفَى لِعِظَمِهِ، وَبَلَغَ رِيَاحًا خَبَرُ مُحَمَّدٍ وَأَنَّهُ بِالْمَذَارِ، فَرَكِبَ نَحْوَهُ فِي جُنْدِهِ، فَتَنَحَّى مُحَمَّدٌ عَنْ طَرِيقِهِ وَاخْتَفَى فِي دَارِ الْجُهَنِيَّةِ، فَحَيْثُ لَمْ يَرَهُ رِيَاحٌ رَجَعَ إِلَى دَارِ مَرْوَانَ.
وَكَانَ الَّذِي أَعْلَمَ رِيَاحًا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ.
فَلَمَّا اشْتَدَّ الطَّلَبُ بِمُحَمَّدٍ خَرَجَ قَبْلَ وَقْتِهِ الَّذِي وَاعَدَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الْخُرُوجِ فِيهِ.
وَقِيلَ: بَلْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ لِمِيعَادِهِ مَعَ أَخِيهِ، وَإِنَّمَا أَخُوهُ تَأَخَّرَ لِجُدَرِيٍّ لَحِقَهُ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ يَقُولَانِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَنْتَظِرُ بِالْخُرُوجِ! فَوَاللَّهِ مَا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَشْأَمُ مِنْكَ. اخْرُجْ وَلَوْ وَحْدَكَ. فَتَحَرَّكَ بِذَلِكَ أَيْضًا.
وَأَتَى رِيَاحًا الْخَبَرُ أَنَّ مُحَمَّدًا خَارِجٌ اللَّيْلَةَ، فَأَحْضَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عِمْرَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute