للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٍ قَاضِيَ الْمَدِينَةِ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرَهُمَا عِنْدَهُ، فَصَمَتَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَطْلُبُ مُحَمَّدًا فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ خَرَجَ لَأَقْتُلَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ! .

وَقَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانِ: أَنْتَ قَاضِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَادْعُ عَشِيرَتَكَ، وَأَرْسِلْ لِتَجْمَعَ بَنِي زُهْرَةَ، فَأَرْسَلَ فَجَاءُوا فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ فَأَجْلَسَهُمْ بِالْبَابِ، فَأَرْسَلَ فَأَخَذَ نَفَرًا مِنَ الْعَلَوِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، فِيهِمْ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَرِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَابْنُهُ خَالِدٌ.

فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهُ إِذْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ، فَسَمِعُوا التَّكْبِيرَ، فَقَالَ ابْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ: أَطِعْنِي فِي هَؤُلَاءِ وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ إِلَيْكَ، إِنَّا لَعَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ.

وَأَقْبَلَ مُحَمَّدٌ مِنَ الْمَذَارِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلًا، فَأَتَى فِي بَنِي سَلِمَةَ بِهَؤُلَاءِ تَفَاؤُلًا بِالسَّلَامَةِ، وَقَصَدَ السِّجْنَ فَكَسَرَ بَابَهُ وَأَخْرَجَ مَنْ فِيهِ، وَكَانَ فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ، وَابْنُ أَخِي النُّذَيْرِ بْنِ يَزِيدَ وَرِزَامٌ، فَأَخْرَجَهُمْ وَجَعَلَ عَلَى الرَّجَّالَةِ خَوَّاتَ بْنَ بُكَيْرِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَتَى دَارَ الْإِمَارَةِ وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَقْتُلُوا إِلَّا يَقْتُلُوا.

فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ رِيَاحٌ، فَدَخَلُوا مِنْ بَابِ الْمَقْصُورَةِ، وَأَخَذُوا رِيَاحًا أَسِيرًا وَأَخَاهُ عَبَّاسًا، وَابْنَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ فَحَبَسَهُمْ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ.

ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكُمْ مِنْ بِنَائِهِ الْقُبَّةَ الْخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا مُعَانَدَةً لِلَّهِ فِي مُلْكِهِ، وَتَصْغِيرًا لِلْكَعْبَةِ الْحَرَامِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٤] ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْقِيَامِ فِي هَذَا الدِّينِ أَبْنَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>