النَّطِفِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَتَى أَبْجَرُ أُخْتَهُ يَزُورُهَا وَزَوْجُهَا عِنْدَهَا. فَقَالَ لَهَا أَبْجَرُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ آتِيَكِ يَا ابْنَةَ النَّطِفِ امْرَأَةَ عَمِيرَةَ. فَقَالَ لَهُ: مَا أَرَاكَ تُبْقِي عَلَيَّ حَتَّى تَسْلُبَنِي أَهْلِي. فَنَدِمَ أَبْجَرُ وَقَالَ لَهُ: مَا كُنْتُ لِأَغْزُوَ قَوْمَكَ وَلَكِنَّنِي مُسْتَأْسِرٌ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ تَمِيمٍ.
وَجَمَعَ أَبْجَرُ وَالْحَوْفَزَانُ بْنُ شَرِيكٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَالْحَوْفَزَانُ عَلَى شَيْبَانَ وَالْأَبْجَرُ عَلَى اللَّهَازِمِ، وَوَكَّلَا بِعَمِيرَةَ مَنْ يَحْرُسُهُ لِئَلَّا يَأْتِيَ قَوْمَهُ فَيُنْذِرَهُمْ. فَسَارَ الْجَيْشُ، فَاحْتَالَ عَمِيرَةُ عَلَى الْمُوَكَّلِ بِحِفْظِهِ وَهَرَبَ مِنْهُ وَجَدَّ السَّيْرَ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى بَنِي يَرْبُوعٍ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ غَزَاكُمُ الْجَيْشُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَأَعْلَمُوا بَنِي ثَعْلَبَةَ بَطْنًا مِنْهُمْ، فَأَرْسَلُوا طَلِيعَةً مِنْهُمْ فَبَقُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَوَصَلَتْ بَكْرٌ فَرَكِبَتْ يَرْبُوعٌ وَالْتَقَوْا بِذِي طُلُوحٍ. فَرَكِبَ عَمِيرَةُ وَلَقِيَ أَبْجَرَ فَعَرَّفَهُ نَفْسَهُ، وَالْتَقَى الْقَوْمُ وَاقْتَتَلُوا فَكَانَ الظَّفَرُ لِيَرْبُوعٍ. وَانْهَزَمَتْ بَكْرٌ وَأُسِرَ الْحَوْفَزَانُ وَابْنُهُ شَرِيكٌ وَابْنُ عَنَمَةَ الشَّاعِرُ، وَكَانَ مَعَ بَنِي شَيْبَانَ فَافْتَكَّهُ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَأُسِرَ أَكْثَرُ الْجَيْشِ الْبَكْرِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَنَمَةَ يَشْكُرُ مُتَمِّمًا:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ عَنِّي مُتَمِّمًا ... بِخَيْرِ الْجَزَاءِ مَا أَعَفَّ وَأَجْوَدَا
أُجِيرَتْ بِهِ أَبْنَاؤُنَا وَدِمَاؤُنَا ... وَشَارَكَ فِي إِطْلَاقِنَا وَتَفَرَّدَا
أَبَا نَهْشَلٍ إِنِّي لَكُمْ غَيْرُ كَافِرٍ ... وَلَا جَاعِلٍ مِنْ دُونِكَ الْمَالَ سَرْمَدَا
[يَوْمُ أَقْرُنَ]
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: غَزَا عَمْرُو بْنُ عَمْرِو بْنِ عُدَسٍ التَّمِيمِيُّ بَنِي عَبْسٍ، فَأَخَذَ إِبِلَهُمْ وَاسْتَاقَ سَبْيَهُمْ وَعَادَ، حَتَّى إِذَا كَانَ أَسْفَلَ ثَنِيَّةِ أَقْرُنَ، نَزَلَ وَابْتَنَى بِجَارِيَةٍ مِنَ السَّبْيِ، وَلَحِقَهُ الطَّلَبُ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقَتَلَ أَنَسُ الْفَوَارِسِ ابْنُ زِيَادٍ الْعَبْسِيُّ عَمْرًا وَابْنَهُ حَنْظَلَةَ، وَاسْتَرَدُّوا الْغَنِيمَةَ وَالسَّبْيَ، فَنَعَى جَرِيرٌ عَلَى بَنِي دَارِمٍ ذَلِكَ فَقَالَ: أَتَنْسُونَ عَمْرًا يَوْمَ بُرْقَةَ أَقْرُنٍ وَحَنْظَلَةَ الْمَقْتُولَ إِذْ هُوَ يَافِعَا
وَكَانَ عَمْرٌو أَسْلَعَ أَبْرَصَ، وَكَانَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ قَدْ أَخْطَأُوا ثَنِيَّةَ الطَّرِيقِ فِي عَوْدِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute