وَأُمَرَاءُ الْجَزِيرَةِ، وَأَخَذُوا طَرِيقَ الْجَزِيرَةِ، وَتَوَجَّهَ كُلُّ أَمِيرٍ إِلَى الْكُورَةِ الَّتِي أُمِّرَ عَلَيْهَا، وَخَرَجَ عُمَرُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَتَى الْجَابِيَةَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ مُغِيثًا يُرِيدُ حِمْصَ.
وَلَمَّا بَلَغَ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ الَّذِينَ أَعَانُوا الرُّومَ عَلَى أَهْلِ حِمْصَ، وَهُمْ مَعَهُمْ، خَبَرُ الْجُنُودِ الْإِسْلَامِيَّةِ تَفَرَّقُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَفَارَقُوا الرُّومَ، فَلَمَّا فَارَقُوهُمُ اسْتَشَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ خَالِدًا فِي الْخُرُوجِ إِلَى الرُّومِ، فَأَشَارَ بِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدِمَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ وَبِقُدُومِ الْمَدَدِ عَلَيْهِمْ وَالْحُكْمِ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: أَنْ أَشْرِكُوهُمْ فَإِنَّهُمْ نَفَرُوا إِلَيْكُمْ وَانْفَرَقَ لَهُمْ عَدُوُّكُمْ، وَقَالَ: جَزَى اللَّهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ خَيْرًا، يَكْفُونَ حَوْزَتَهُمْ وَيَمُدُّونَ أَهْلَ الْأَمْصَارِ. فَلَمَّا فَرَغُوا رَجَعُوا.
[ذكر فَتْحِ الْجَزِيرَةِ وَأَرْمِينِيَّةَ]
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فُتِحَتِ الْجَزِيرَةُ.
قَدْ ذَكَرْنَا إِرْسَالَ سَعْدٍ الْعَسَاكِرَ إِلَى الْجَزِيرَةِ، فَخَرَجَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ وَمَنْ مَعَهُ، فَأَرْسَلَ سُهَيْلَ بْنَ عَدِيٍّ إِلَى الرَّقَّةِ وَقَدِ ارْفَضَّ أَهْلُ الْجَزِيرَةِ عَنْ حِمْصَ إِلَى كُوَرِهِمْ، حِينَ سَمِعُوا بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِمْ فَأَقَامَ يُحَاصِرُهُمْ حَتَّى صَالَحُوهُ، فَبَعَثُوا فِي ذَلِكَ إِلَى عِيَاضٍ وَهُوَ فِي مَنْزِلٍ وَسَطٍ بَيْنَ الْجَزِيرَةِ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ وَصَالَحَهُمْ، وَصَارُوا ذِمَّةً، وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِتْبَانَ عَلَى الْمَوْصِلِ إِلَى نَصِيبِينَ، فَلَقُوهُ بِالصُّلْحِ، وَصَنَعُوا كَصُنْعِ أَهْلِ الرَّقَّةِ، فَكَتَبُوا إِلَى عِيَاضٍ فَقَبِلَ مِنْهُمْ وَعَقَدَ لَهُمْ. وَخَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ فَقَدِمَ عَلَى عَرَبِ الْجَزِيرَةِ، فَنَهَضَ مَعَهُ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، إِلَّا إِيَادَ بْنَ نِزَارٍ، فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا أَرْضَ الرُّومِ، فَكَتَبَ الْوَلِيدُ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ.
وَلَمَّا أَخَذُوا الرَّقَّةَ وَنَصِيبِينَ ضَمَّ عِيَاضٌ إِلَيْهِ سُهَيْلًا وَعَبْدَ اللَّهِ، وَسَارَ بِالنَّاسِ إِلَى حَرَّانَ، فَلَمَّا وَصَلَ أَجَابَهُ أَهْلُهَا إِلَى الْجِزْيَةِ فَقَبِلَ مِنْهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عِيَاضًا سَرَّحَ سُهَيْلًا وَعَبْدَ اللَّهِ إِلَى الرُّهَاءِ فَأَجَابُوهُمَا إِلَى الْجِزْيَةِ، وَأَجْرَوْا كُلَّ مَا أَخَذُوهُ مِنَ الْجَزِيرَةِ عَنْوَةً مَجْرَى الذِّمَّةِ، فَكَانَتِ الْجَزِيرَةُ أَسْهَلَ الْبُلْدَانِ فَتْحًا.
وَرَجَعَ سُهَيْلٌ وَعَبْدُ اللَّهِ إِلَى الْكُوفَةِ. وَكَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute