شِئْتَ. قَالَ: فَطَفَرْتُ وَرَبَطْتُ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ فَأَلْحَقُهُ، فَقُلْتُ: سَبَقَتْكُ وَاللَّهِ! فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ نَمْكُثْ بِهَا إِلَّا ثَلَاثًا حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ» .
وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ نُودِيَ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، وَلَمْ يَكُنْ يُقَالُ قَبْلَهَا.
(قَرَدٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ) .
[ذِكْرُ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ]
ذُكِرَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ بَعْدَ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ، وَكَانَتْ فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ (سَنَةِ سِتٍّ) ، وَكَانَ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ تَجَمَّعُوا لَهُ، وَكَانَ قَائِدَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ خَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ بِمَاءٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: الْمُرَيْسِيعُ، بِنَاحِيَةِ قُدَيْدٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَأُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرٍ اسْمُهُ هِشَامُ بْنُ صُبَابَةَ، أَخُو مِقْيَسِ بْنِ صُبَابَةَ، أَصَابَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ رَهْطِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ بِسَهْمٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مِنَ الْعَدُوِّ، فَقَتَلَهُ خَطَأً.
«وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَايَا كَثِيرَةً، فَقَسَّمَهَا فِي الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِمْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، فَوَقَعَتْ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْهُ عَنْ نَفْسِهَا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَعَانَتْهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ. قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ، وَسَمِعَ النَّاسُ الْخَبَرَ، فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَعْتَقُوا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ بَيْتٍ مِنْ أَهْلٍ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا» .
وَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ وَرَدَتْ وَارِدَةٌ النَّاسَ، وَمَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَجِيرٌ لَهُ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، يُقَالُ لَهُ: جَهْجَاهٌ، فَازْدَحَمَ هُوَ وَسِنَانٌ الْجُهَنِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَوْفٍ مِنَ الْخَزْرَجِ، عَلَى الْمَاءِ، فَاقْتَتَلَا، فَصَرَخَ الْجُهَنِيُّ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ! وَصَرَخَ جَهْجَاهٌ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبِيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَعِنْدَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ فِيهِمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، غُلَامٌ حَدِيثُ السِّنِّ. فَقَالَ: أَقَدْ فَعَلُوهَا! قَدْ كَاثَرُونَا فِي بِلَادِنَا! أَمَا وَاللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute