[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ]
٤٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِلَادَ الرُّومِ وَشَتَوْا بِهَا، وَغَزَا بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَأَةَ فِي الْبَحْرِ.
ذِكْرُ عَزْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْبَصْرَةِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنِ الْبَصْرَةِ.
وَسَبَبُهُ أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ كَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا لَيِّنًا، لَا يَأْخُذُ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ، وَفَسَدَتِ الْبَصْرَةُ فِي أَيَّامِهِ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ، فَقَالَ لَهُ: جَرَّدِ السَّيْفَ. فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُصْلِحَهُمْ بِفَسَادِ نَفْسِي. ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَامِرٍ وَفَّدَ وَفْدًا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَافَقُوا عِنْدَهُ وَفْدَ الْكُوفَةِ، وَفِيهِمُ ابْنُ الْكَوَّا وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى الْيَشْكُرِيُّ، فَسَأَلَهُمْ مُعَاوِيَةُ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَعَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ خَاصَّةً، فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَدْ أَكَلَهُمْ سُفَهَاؤُهُمْ، وَضَعُفَ عَنْهُمْ سُلْطَانُهُمْ، وَعَجَّزَ ابْنَ عَامِرٍ وَضَعَّفَهُ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: نَتَكَلَّمُ عَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَهُمْ حُضُورٌ؟
فَلَمَّا عَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَبْلَغُوا ابْنَ عَامِرٍ، فَغَضِبَ وَقَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَشَدُّ عَدَاوَةً لِابْنِ الْكَوَّا؟ فَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْخٍ الْيَشْكُرِيُّ، فَوَلَّاهُ خُرَاسَانَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْكَوَّا، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ دَجَاجَةَ، يَعْنِي ابْنَ عَامِرٍ، قَلِيلُ الْعِلْمِ فِيَّ، ظَنَّ أَنَّ وِلَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ خُرَاسَانَ تَسُوءُنِي! لَوَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَشْكُرِيٌّ إِلَّا عَادَانِي وَأَنَّهُ وَلَّاهُ.
وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي وَلَّاهُ ابْنُ عَامِرِ خُرَاسَانَ طُفَيْلُ بْنُ عَوْفٍ الْيَشْكُرِيُّ.
فَلَمَّا عَلِمَ مُعَاوِيَةُ حَالَ الْبَصْرَةِ أَرَادَ عَزْلَ ابْنِ عَامِرٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْتَزِيرُهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute