للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَدَّهُ عَلَى عَمِّهِ، فَلَمَّا وَدَّعَهُ قَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ ثَلَاثًا فَقُلْ هُنَّ لَكَ. فَقَالَ: هُنَّ لَكَ، وَأَنَا ابْنُ أُمِّ حَكِيمٍ قَالَ:

تَرُدُّ عَلِيَّ عَمَلِي وَلَا تَغْضَبْ.

قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَتَهَبُ لِي مَالَكَ بِعَرَفَةَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ:

وَتَهَبُ لِي دُورَكَ بِمَكَّةَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَصَلَتْكَ رَحِمٌ:

فَقَالَ ابْنُ عَامِرٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي سَائِلُكَ ثَلَاثًا فَقُلْ هُنَّ لَكَ. فَقَالَ: هُنَّ لَكَ، وَأَنَا ابْنُ هِنْدٍ.

قَالَ: تَرُدُّ عَلِيَّ مَالِي بِعَرَفَةَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَلَا تُحَاسِبْ لِي عَامِلًا وَلَا تَتَّبِعْ لِي أَثَرًا. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ:

قَالَ: وَتُنْكِحُنِي ابْنَتَكَ هِنْدًا. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.

وَيُقَالُ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ: اخْتَرْ إِمَّا أَنْ أَتَّبِعَ أَثَرَكَ وَأُحَاسِبَكَ بِمَا صَارَ إِلَيْكَ وَأَرُدَّكَ، وَإِمَّا أَنْ أَعْزِلَكَ وَأُسَوِّغَكَ مَا أَصَبْتَ. فَاخْتَارَ الْعَزْلَ وَأَنْ لَا يُسَوِّغَهُ مَا أَصَابَ، فَعَزَلَهُ وَوَلَّى الْبَصْرَةَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيَّ.

ذِكْرُ اسْتِلْحَاقِ مُعَاوِيَةَ زِيَادًا

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَلْحَقَ مُعَاوِيَةُ زِيَادَ بْنَ سُمَيَّةَ فَزَعَمُوا أَنَّ رَجُلًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ كَانَ مَعَ زِيَادٍ لَمَّا وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لِزِيَادٍ: إِنَّ لِابْنِ عَامِرٍ عِنْدِي يَدًا فَإِذَا أَذِنْتَ لِي أَتَيْتُهُ. قَالَ: عَلَى أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا يَجْرِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ. قَالَ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَامِرٍ: هِيهْ هِيهْ! وَابْنُ سُمَيَّةَ يُقَبِّحُ آثَارِي وَيُعَرِّضُ بِعُمَّالِي! لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آتِيَ بِقَسَامَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ) أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمْ يَرَ سُمَيَّةَ.

فَلَمَّا رَجَعَ سَأَلَهُ زِيَادٌ فَلَمْ يُخْبِرْهُ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَتَّى أَخْبَرَهُ، فَأَخْبَرَ زِيَادٌ بِذَلِكَ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِحَاجِبِهِ: إِذَا جَاءَ ابْنُ عَامِرٍ فَاضْرِبْ وَجْهَ دَابَّتِهِ عَنْ أَقْصَى الْأَبْوَابِ. فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ. فَأَتَى ابْنُ عَامِرٍ يَزِيدَ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَرَكِبَ مَعَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ قَامَ فَدَخَلَ، فَقَالَ يَزِيدُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ، فَكَمْ عَسَى أَنْ تَقْعُدَ فِي الْبَيْتِ عَنْ مَجْلِسِهِ! فَلَمَّا أَطَالَا خَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ يَتَمَثَّلُ:

لَنَا سِبَاقٌ وَلَكُمْ سِبَاقُ ... قَدْ عَلِمَتْ ذَلِكُمُ الرِّفَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>