للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ]

٥١٣ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ عِصْيَانِ الْمَلِكِ طُغْرَلَ عَلَى أَخِيهِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ

كَانَ الْمَلِكُ طُغْرَلُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَمَّا تُوَفِّيَ وَالِدُهُ بِقَلْعَةِ سَرْجَهَانَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فِي الْمُحَرَّمِ، وَأَقْطَعَهُ وَالِدُهُ، سَنَةَ أَرْبَعٍ، سَاوَةَ وَآوَةَ وَزَنْجَانَ، وَجَعَلَ أَتَابِكَهُ الْأَمِيرَ شِيرِكِيرَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حِصَارِ قِلَاعِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَازْدَادَ مُلْكُ طُغْرَلَ بِمَا فَتَحَهُ شِيرِكِيرُ مِنْ قِلَاعِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ الْأَمِيرُ كُنْتَغْدِي لِيَكُونَ أَتَابِكًا لَهُ، وَمُدَبِّرًا لِأَمْرِهِ، وَيَحْمِلَهُ إِلَيْهِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ حَسَّنَ لَهُ مُخَالَفَةَ أَخِيهِ، وَتَرْكِ الْمَجِيءِ إِلَيْهِ، وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ.

وَسَمِعَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ الْخَبَرَ، فَأَرْسَلَ شَرَفَ الدِّينِ أَنُوشُرْوَانَ بْنَ خَالِدٍ، وَمَعَهُ خِلَعٌ، وَتُحَفٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَوَعَدَهُ أَخَاهُ بِإِقْطَاعٍ كَثِيرٍ، زِيَادَةً عَلَى مَا لَهُ، إِذَا قَصَدَهُ، وَاجْتَمَعَ بِهِ، فَلَمْ تَقَعِ الْإِجَابَةُ إِلَى الِاجْتِمَاعِ، وَأَجَابَ كُنْتَغْدِي بِأَنَّنَا فِي طَاعَةِ السُّلْطَانِ، وَأَيَّ جِهَةٍ أَرَادَ قَصَدْنَاهَا، وَمَعَنَا مِنَ الْعَسَاكِرِ مَا نُقَاوِمُ بِهَا مَنْ يَرْسُمُ بِقَصْدِهِ.

فَبَيْنَمَا الْخَوْضُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ رَكِبَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ مِنْ بَابِ هَمَذَانَ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، جَرِيدَةً فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَكَتَمَ مَقْصِدَهُ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَكْبِسَ أَخَاهُ، وَالْأَمِيرَ كُنْتَغْدِي، فَرَأَى أَحَدُ خَوَاصِّهِ تُرْكِيًّا مِنْ أَصْحَابِ الْمَلِكِ طُغْرَلَ، فَأَعْلَمَ السُّلْطَانَ بِهِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، فَعَلِمَ رَفِيقٌ كَانَ مَعَهُ الْحَالَ، فَسَارَ عِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي لَيْلَةٍ، وَوَصَلَ إِلَى الْأَمِيرِ كُنْتَغْدِي، وَهُوَ سَكْرَانُ، فَأَيْقَظَهُ بَعْدَ جُهْدٍ، وَأَعْلَمَهُ الْحَالَ، فَقَصَدَ الْمَلِكَ طُغْرَلَ، فَعَرَّفَهُ ذَلِكَ، وَأَخَذَ مُتَخَفِّيًا، وَقَصَدَ قَلْعَةَ سَمِيرَانَ فَضَلَّا عَنِ الطَّرِيقِ إِلَى قَلْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>