[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٨٠ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ زِفَافِ ابْنَةِ السُّلْطَانِ إِلَى الْخَلِيفَةِ.
فِي الْمُحَرَّمِ نُقِلَ جِهَازُ ابْنَةِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ عَلَى مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ جَمَلًا مُجَلَّلَةً بِالدِّيبَاجِ الرُّومِيِّ، وَكَانَ أَكْثَرَ الْأَحْمَالِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَثَلَاثُ عِمَارِيَّاتٍ، وَعَلَى أَرْبَعَةٍ وَسَبْعِينَ بَغْلًا مُجَلَّلَةً بِأَنْوَاعِ الدِّيبَاجِ الْمَلَكِيِّ، وَأَجْرَاسُهَا وَقَلَائِدُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَانَ عَلَى سِتَّةٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ صُنْدُوقًا مِنَ الذَّهَبِ لَا يُقَدَّرُ مَا فِيهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْحُلِيِّ، وَبَيْنَ يَدَيِ الْبِغَالِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ فَرَسًا مِنَ الْخَيْلِ الرَّائِقَةِ، عَلَيْهَا مَرَاكِبُ الذَّهَبِ مُرَصَّعَةٌ بِأَنْوَاعِ الْجَوْهَرِ، وَمَهْدٌ عَظِيمٌ كَثِيرُ الذَّهَبِ.
وَسَارَ بَيْنَ يَدَيِ الْجِهَازِ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُوهَرَائِينُ، وَالْأَمِيرُ بُرْسُقُ، وَغَيْرُهُمَا، وَنَثَرَ أَهْلُ نَهْرِ مُعَلًّى عَلَيْهِمُ الدَّنَانِيرُ وَالثِّيَابُ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ خَرَجَ عَنْ بَغْدَاذَ مُتَصَيِّدًا، ثُمَّ أَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ الْوَزِيرَ أَبَا شُجَاعٍ إِلَى تُرْكَانَ خَاتُونَ، زَوْجَةِ السُّلْطَانِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ نَحْوُ ثَلَاثِمِائَةِ مَوْكِبِيَّةٍ، وَمِثْلُهَا مَشَاعِلُ، وَلَمْ يَبْقَ فِي الْحَرِيمِ دُكَّانٌ إِلَّا وَقَدْ أُشْعِلَ فِيهَا الشَّمْعَةُ وَالِاثْنَتَانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ مَعَ ظُفَرٍ خَادِمِهِ مِحَفَّةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا حُسْنًا، وَقَالَ الْوَزِيرُ لِتُرْكَانَ خَاتُونَ: سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وَقَدْ أَذِنَ فِي نَقْلِ الْوَدِيعَةِ إِلَى دَارِهِ. فَأَجَابَتْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَحَضَرَ نِظَامُ الْمُلْكِ فَمَنْ دُونَهُ مِنْ أَعْيَانِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ مَعَهُ مِنَ الشَّمْعِ وَالْمَشَاعِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute