[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
(٥٢٦)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي عَلِيٍّ وَزِيرِ الْحَافِظِ، وَوِزَارَةِ يَانِسَ وَمَوْتِهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْمُحَرَّمِ قُتِلَ الْأَفْضَلُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْأَفْضَلِ بْنِ بَدْرٍ الْجَمَالِيُّ وَزِيرُ الْحَافِظِ لِدِينِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ.
وَسَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَى الْحَافِظِ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأُمُورِ، قَلِيلٍ أَوْ جَلِيلٍ، وَأَخَذَ مَا فِي قَصْرِ الْخِلَافَةِ إِلَى دَارِهِ، وَأَسْقَطَ مِنَ الدُّعَاءِ ذِكْرَ إِسْمَاعِيلَ الَّذِي هُوَ جَدُّهُمْ وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ، وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَأَسْقَطَ مِنَ الْأَذَانِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَلَمْ يَخْطُبْ لِلْحَافِظِ، وَأَمَرَ الْخُطَبَاءَ أَنْ يَخْطُبُوا لَهُ بِأَلْقَابٍ كَتَبَهَا لَهُمْ، وَهِيَ: السَّيِّدُ الْأَفْضَلُ الْأَجَلُّ، سَيِّدُ مَمَالِيكِ أَرْبَابِ الدُّوَلِ، وَالْمُحَامِي عَنْ حَوْزَةِ الدِّينِ، وَنَاشِرُ جَنَاحِ الْعَدْلِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْأَقْرَبِينَ وَالْأَبْعَدِينَ، نَاصِرُ إِمَامِ الْحَقِّ فِي حَالَتَيْ غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ، وَالْقَائِمُ بِنُصْرَتِهِ بِمَاضِي سَيْفِهِ وَصَائِبِ رَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ، أَمِينُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَهَادِي الْقُضَاةِ إِلَى اتِّبَاعِ شَرْعِ الْحَقِّ وَاعْتِمَادِهِ، وَمُرْشِدُ دُعَاةِ الْمُؤْمِنِينَ بِوَاضِحِ بَيَانِهِ وَإِرْشَادِهِ، مَوْلَى النِّعَمِ، وَرَافِعُ الْجَوْرِ عَنِ الْأُمَمِ، وَمَالِكُ فَضِيلَتَيِ السَّيْفِ وَالْقَلَمِ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ السَّيِّدُ الْأَجَلُّ الْأَفْضَلُ، شَاهِنْشَاهْ أَمِيرُ الْجُيُوشِ.
وَكَانَ إِمَامِيَّ الْمَذْهَبِ، يُكْثِرُ ذَمَّ الْآمِرِ، وَالتَّنَاقُصَ بِهِ، فَنَفَرَتْ مِنْهُ شِيعَةُ الْعَلَوِيِّينَ وَمَمَالِيكُهُمْ وَكَرِهُوهُ، وَعَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَخَرَجَ فِي الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الْمَيْدَانِ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَكَمَنَ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَمْلُوكٌ فِرِنْجِيٌّ كَانَ لِلْحَافِظِ، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ، فَحَمَلَ الْفِرِنْجِيُّ عَلَيْهِ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، وَحَزُّوا رَأَسَهُ، وَخَرَجَ الْحَافِظُ مِنَ الْخِزَانَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا، وَنَهَبَ النَّاسُ دَارَ أَبِي عَلِيٍّ، وَأُخِذَ مِنْهَا مَا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute