[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٥٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ عَوْدِ وَلِيِّ الْعَهْدِ إِلَى بَغْدَاذَ مَعَ أَبِي الْغَنَائِمِ بْنِ الْمَحْلَبَانِ.
فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وَرَدَ عُدَّةُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلِيُّ الْعَهْدِ، وَمَعَهُ جَدَّتُهُ أُمُّ الْخَلِيفَةِ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِاسْتِقْبَالِهِ، وَجَلَسَ فِي الزَّبْزَبِ عَلَى رَأْسِهِ أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ الْمَحْلَبَانِ، وَقُدِّمَ لَهُ بِبَابِ الْغُرْبَةِ فَرَسٌ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْمَحْلَبَانِ عَلَى كَتِفِهِ وَأَرْكَبَهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى مَجْلِسِ الْخَلِيفَةِ، فَشَكَرَهُ، وَخَرَجَ ابْنُ الْمَحْلَبَانِ فَرَكِبَ فِي الزَّبْزَبِ، وَانْحَدَرَ إِلَى دَارٍ أُفْرِدَتْ لَهُ بِبَابِ الْمَرَاتِبِ، وَدَخَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ وَاجْتَمَعَ بِهِ.
وَكَانَ سَبَبُ مَصِيرِ وَلِيِّ الْعَهْدِ مَعَ ابْنِ الْمَحْلَبَانِ أَنَّهُ دَخَلَ دَارَهُ، فَوَجَدَ زَوْجَةَ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ وَأَوْلَادَهُ بِهَا، وَهُمْ مُطْلُوبُونَ مِنَ الْبَسَاسِيرِيِّ، فَعَرَّفُوهُ أَنَّ رَئِيسَ الرُّؤَسَاءِ أَمَرَهُمْ بِقَصْدِهِ، فَأَدْخَلَهُمْ إِلَى أَهْلِهِ، وَأَقَامَ لَهُمْ مَنْ حَمَلَهُمْ إِلَى مَيَافَارِقِينَ، فَسَارُوا مَعَ قِرْوَاشَ لَمَّا أَصْعَدَ مِنْ بَغْدَاذَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ.
ثُمَّ لَقِيَهُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ الْوَكِيلُ، وَعَرَّفَهُ مَا عَلَيْهِ وَلِيُّ الْعَهْدِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ إِيثَارِ الْخُرُوجِ مِنْ بَغْدَاذَ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَنَاقُصِ الْحَالِ، فَبَعَثَ ابْنُ الْمَحْلَبَانِ زَوْجَتَهُ، فَأَتَتْهُ بِهِمْ سِرًّا، فَتَرَكَهُمْ عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ يَحْضُرُ ابْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَأَصْحَابَهُ، وَيَعْمَلُ لَهُمُ الدَّعَوَاتِ، وَوَلِيُّ الْعَهْدِ وَمَنْ مَعَهُ مُسْتَتِرُونَ عِنْدَهُ يَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ أُولَئِكَ فِيهِمْ.
ثُمَّ اكْتَرَى لَهُمْ، وَسَارَ هُوَ فِي صُحْبَتِهِمْ إِلَى قَرِيبِ سِنْجَارَ، ثُمَّ حَمَلُوا إِلَى حَرَّانَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute