إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَجَمَاعَةً مَعَهُ: أَنِ اثْبُتُوا وَتَمَنَّعُوا، فَإِنَّا لَنْ نُسْلِمَكُمْ، وَإِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ، وَإِنْ خَرَجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ.
وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجْلِيَهُمْ وَيَكُفَّ عَنْ دِمَائِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ مِنَ الْأَمْوَالِ إِلَّا السِّلَاحَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجُوا إِلَى خَيْبَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ إِلَى الشَّامِ، فَكَانَ مِمَّنْ سَارَ إِلَى خَيْبَرَ كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَانَ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أُمُّ عَمْرٍو صَاحِبَةُ عُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ الَّتِي ابْتَاعُوا مِنْهُ، وَكَانَتْ غِفَارِيَّةً.
فَكَانَتْ أَمْوَالُ النَّضِيرِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ، فَقَسَّمَهَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ، إِلَّا أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَأَبَا دُجَانَةَ ذَكَرَا فَقْرًا فَأَعْطَاهُمَا. وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَّا يَامِينُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عَمْرِو بْنِ جِحَاشٍ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَحْرَزَا أَمْوَالَهُمَا.
وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَتْ رَايَتُهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
(سَلَّامٌ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ. وَمِشْكَمٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْكَافِ) .
[غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ]
أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ بَنِي النَّضِيرِ شَهْرَيْ رَبِيعٍ، ثُمَّ غَزَا نَجْدًا يُرِيدُ بَنِي مُحَارِبٍ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ، حَتَّى نَزَلَ نَخْلًا، وَهِيَ غَزْوَةُ الرِّقَاعِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَجْلِ جَبَلٍ كَانَتِ الْوَقْعَةُ بِهِ، فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَلَقِيَ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَهُوَ مُسْتَقْصًى فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُحَارِبٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَيْفِهِ، فَأَعْطَاهُ السَّيْفَ، فَلَمَّا أَخَذَهُ وَهَزَّهُ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا تَخَافُنِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَمَا تَخَافُنِي وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute