للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَة]

١١٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مُعَاوِيَةُ وَسُلَيْمَانُ ابْنَا هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْضَ الرُّومِ.

ذِكْرُ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَ بُكَيْرُ بْنُ مَاهَانَ عَمَّارَ بْنَ يَزِيدَ إِلَى خُرَاسَانَ وَالِيًا عَلَى شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، فَنَزَلَ مَرْوَ وَغَيَّرَ اسْمَهُ وَتَسَمَّى بِخِدَاشٍ، وَدَعَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَسَارَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَأَطَاعُوهُ، ثُمَّ غَيَّرَ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَتَكَذَّبَ وَأَظْهَرَ دِينَ الْخُرَّمِيَّةِ [وَدَعَا إِلَيْهِ] ، وَرَخَّصَ لِبَعْضِهِمْ فِي نِسَاءِ بَعْضٍ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ لَا صَوْمَ وَلَا صَلَاةَ وَلَا حَجَّ، وَإِنَّ تَأْوِيلَ الصَّوْمِ أَنْ يُصَامَ عَنْ ذِكْرِ الْإِمَامِ فَلَا يُبَاحُ بِاسْمِهِ، وَالصَّلَاةُ الدُّعَاءُ لَهُ، وَالْحَجُّ الْقَصْدُ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَتَأَوَّلُ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: ٩٣] . وَكَانَ خِدَاشٌ نَصْرَانِيًّا بِالْكُوفَةِ فَأَسْلَمَ وَلَحِقَ بِخُرَاسَانَ.

وَكَانَ مِمَّنِ اتَّبَعَهُ عَلَى مَقَالَتِهِ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَالْحَرِيشُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَعْجَمِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَمَرَ بِذَلِكَ.

فَبَلَغَ خَبَرُهُ أَسَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَظَفِرَ بِهِ، فَأَغْلَظَ الْقَوْلَ لِأَسَدٍ، فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَسَمَلَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي انْتَقَمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْكَ! وَأَمَرَ يَحْيَى بْنَ نُعَيْمٍ الشَّيْبَانِيَّ فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ بِآمُلَ، وَأُتِيَ أَسَدٌ بِجَزُورٍ مَوْلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ دَارَةَ الضَّبِّيِّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِشَاطِئِ النَّهْرِ.

ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ الْحَارِثِ وَأَصْحَابِهِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ نَزَلَ أَسَدٌ بَلْخًا، وَسَرَّحَ جُدَيْعًا الْكَرْمَانِيَّ إِلَى الْقَلْعَةِ الَّتِي فِيهَا أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>