[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٧٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ قَتْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ قُتُلْمِشْ.
لَمَّا قَتَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ قُتُلْمِشْ شَرَفَ الدَّوْلَةِ مُسْلِمَ بْنَ قُرَيْشٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الْحُتَيْتِيِّ الْعَبَّاسِيِّ، مُقَدِّمِ أَهْلِ حَلَبَ، يَطْلُبُ مِنْهُ تَسْلِيمَهَا إِلَيْهِ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ، وَاسْتَمْهَلَهُ إِلَى أَنْ يُكَاتِبَ السُّلْطَانَ مَلِكْشَاهْ، وَأَرْسَلَ ابْنُ الْحُتَيْتِيِّ إِلَى تُتُشْ، صَاحِبِ دِمَشْقَ، يَعِدُهُ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ حَلَبَ، فَسَارَ تُتُشْ طَالِبًا لِحَلَبَ، فَعَلِمَ سُلَيْمَانُ بِذَلِكَ، فَسَارَ نَحْوَهُ مُجِدًّا، فَوَصَلَ إِلَى تُتُشْ وَقْتَ السَّحَرِ عَلَى غَيْرِ تَعْبِئَةٍ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى قَرُبَ مِنْهُ، فَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ.
وَكَانَ الْأَمِيرُ أُرْتُقُ بْنُ أَكْسَبَ مَعَ تُتُشْ، وَكَانَ مَنْصُورًا لَمْ يَشْهَدْ حَرْبًا إِلَّا وَكَانَ الظَّفَرُ لَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ حُضُورَهُ مَعَ ابْنِ جَهِيرٍ عَلَى آمِدَ، وَإِطْلَاقِهِ شَرَفَ الدَّوْلَةِ مِنْ آمِدَ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ خَافَ أَنْ يُنْهِيَ ابْنُ جَهِيرٍ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَفَارَقَ خِدْمَتَهُ، وَلَحِقَ بِتَاجِ الدَّوْلَةِ تُتُشْ، فَأَقْطَعَهَ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ، وَحَضَرَ مَعَهُ هَذِهِ الْحَرْبَ، فَأَبْلَى فِيهَا بَلَاءً حَسَنًا، وَحَرَّضَ الْعَرَبَ عَلَى الْقِتَالِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ، وَثَبَتَ وَهُوَ فِي الْقَلْبِ، فَلَمَّا رَأَى انْهِزَامَ عَسَاكِرِهِ أَخْرَجَ سِكِّينًا مَعَهُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، وَقِيلَ بَلْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَاسْتَوْلَى تُتُشْ عَلَى عَسْكَرِهِ.
وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ قُتُلْمِشْ، فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ (فِي صَفَرٍ) ، قَدْ أَنْفَذَ جُثَّةَ شَرَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute