[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٧٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ بَدْرِ بْنِ حَسْنُوَيْهِ وَعَسْكَرِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَهَّزَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ عَسْكَرًا كَثِيفًا مَعَ قُرَاتِكِينَ الْجَهْشِيَارِيِّ، وَهُوَ مُقَدَّمُ عَسْكَرِهِ وَكَبِيرُهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَدْرِ بْنِ حَسْنُوَيْهِ وَقِتَالِهِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ شَرَفَ الدَّوْلَةِ كَانَ مَغِيظًا حَنِقًا عَلَى بَدْرٍ لِانْحِرَافِهِ عَنْهُ، وَمَيْلِهِ إِلَى عَمِّهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ مُلْكُهُ بِبَغْدَاذَ وَأَطَاعَهُ النَّاسُ شَرَعَ فِي أَمْرِ بَدْرٍ، وَكَانَ قُرَاتِكِينُ قَدْ جَاوَزَ الْحَدَّ فِي التَّحَكُّمِ وَالْإِدْلَالِ، وَحِمَايَةِ النَّاسِ عَلَى نُوَّابِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَرَأَى أَنْ يُخْرِجَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ ظَفِرَ بِبَدْرٍ شَفَى غَيْظَهُ مِنْهُ، وَإِنْ ظَفِرَ بِهِ بَدْرٌ اسْتَرَاحَ مِنْهُ.
فَسَارُوا نَحْوَ بَدْرٍ، وَتَجَهَّزَ بَدْرٌ وَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ، وَتَلَاقَيَا عَلَى الْوَادِي بِقِرْمِيسِينَ، فَلَمَّا اقْتَتَلُوا انْهَزَمَ بَدْرٌ حَتَّى تَوَارَى عَنْهُ، وَظَنَّ قُرَاتِكِينُ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ مَضَى عَلَى وَجْهِهِ، فَنَزَلُوا عَنْ خُيُولِهِمْ وَتَفَرَّقُوا فِي خِيَامِهِمْ، فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً حَتَّى كَرَّ بَدْرٌ رَاجِعًا إِلَيْهِمْ، وَأَكَبَّ عَلَيْهِمْ، وَأَعْجَلَهُمْ عَنِ الرُّكُوبِ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَاحْتَوَى عَلَى جَمِيعِ مَا فِي عَسْكَرِهِمْ، وَنَجَا قُرَاتِكِينُ فِي نَفَرٍ مِنْ غِلْمَانِهِ، فَبَلَغَ جِسْرَ النَّهْرَوَانِ، وَأَقَامَ بِهِ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُنْهَزِمُونَ، وَدَخَلَ بَغْدَاذَ.
وَاسْتَوْلَى بَدْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَعْمَالِ الْجَبَلِ وَمَا وَالَاهَا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ.
وَأَمَّا قُرَاتِكِينُ فَإِنَّهُ لَمَّا عَادَ مِنَ الْهَزِيمَةِ زَادَ إِدْلَالُهُ وَتَجَنِّيهِ، وَأَغْرَى الْعَسْكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute