[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ]
٨٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ
ذِكْرُ هِلَاكِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ
لَمَّا انْصَرَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى رُتْبِيلَ مِنْ هَرَاةَ قَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْدِيُّ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْخُلَ مَعَكَ لِأَنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ وَعَلَى مَنْ مَعَكَ، [وَاللَّهِ] لَكَأَنِي بِالْحَجَّاجِ وَقَدْ كَتَبَ إِلَى رُتْبِيلَ يُرَغِّبُهُ وَيُرَهِّبُهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ بَعَثَ بِكَ سَلْمًا أَوْ قَتَلَكُمْ، وَلَكِنْ مَعِي خَمْسُمِائَةٍ قَدْ تَبَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَدْخُلَ مَدِينَةً نَتَحَصَّنُ بِهَا حَتَّى نُعْطَى الْأَمَانَ، أَوْ نَمَوْتَ كِرَامًا، وَلَمْ يَدْخُلْ إِلَى بِلَادِ رُتْبِيلَ مَعَهُ، وَخَرَجَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسُمِائَةِ وَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ مَوْدُودًا الْبَصْرِيَّ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ اللَّخْمِيُّ فَحَاصَرَهُمْ، فَامْتَنَعُوا حَتَّى آمَنَهُمْ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ، فَوَفَى لَهُمْ.
وَتَتَابَعَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ إِلَى رُتْبِيلَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنِ ابْعَثْ بِهِ إِلَيَّ، وَإِلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَأُوطِئَنَّ أَرْضَكَ أَلْفَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ.
وَكَانَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَجُلٌ مِنْ تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ سُبَيْعٍ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ رَسُولَهُ إِلَى رُتْبِيلٍ، فَخُصَّ بِرُتْبِيلَ وَخَفَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ لِأَخِيهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ: إِنِّي لَا آمَنُ غَدْرَ هَذَا التَّمِيمِيِّ، فَاقْتُلْهُ. فَخَافَهُ عُبَيْدٌ وَوَشَى بِهِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَخَوَّفَهُ الْحَجَّاجَ، وَدَعَاهُ إِلَى الْغَدْرِ بِابْنِ الْأَشْعَثِ وَقَالَ لَهُ: أَنَا آخِذٌ لَكَ مِنَ الْحَجَّاجِ عَهْدًا لَيَكُفَّنَّ عَنْ أَرْضِكَ سَبْعَ سِنِينَ، عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجَ عُبَيْدٌ إِلَى عُمَارَةَ سِرًّا، فَذَكَرَ لَهُ مَا اسْتَقَرَّ مَعَ رُتْبِيلَ وَمَا بَذَلَ لَهُ، وَكَتَبَ عُمَارَةُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِذَلِكَ، وَأَجَابَهُ إِلَيْهِ أَيْضًا، وَبَعَثَ رُتْبِيلُ بِرَأْسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى الْحَجَّاجِ.
وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ قَدْ أَصَابَهُ السُّلُّ فَمَاتَ، فَأَرْسَلَ رُتْبِيلُ إِلَيْهِ، فَقَطَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute